مفارقة من بنك الخداع الفارسي….صلاح المختار

مفارقة من بنك الخداع الفارسي                                                       

 ثمة مفارقة واضحة تلفت الانتباه ، ففي اليوم الذي ردت فيه إسرائيل الشرقية ( إيران ) على مقتل ( حسن نصر الله ) وأطلقت أكثر من 180 صاروخاً استراتيجياً – كما قال إعلامها – على إسرائيل الغربية لم تقتل إسرائيلياً واحداً ، لأنها أخبرت أمريكا قبل شن عمليتها بساعتين بأن ردها سيكون محدوداً ولن يوجه ضد المدنيين ( لأننا إذا لم نرد فإن نفوذنا الإقليمي سينهار ونفقد كل ما بنيناه طوال أكثر من أربعة عقود ) ، والمقصود بذلك هو احتلال إسرائيل الشرقية للعراق وسورية واليمن ولبنان وزرعها لنغولها المدربين على السلاح في دول الخليج العربي ، مثلما زرعت مرتزقة في بقية الأقطار العربية .

ولكن في نفس اليوم قام بطلان من أبناء فلسطين بمهاجمة جنود إسرائيليين بالسكاكين وأخذا منهم بندقيتان وهاجما بهما الصهاينة وقتلوا ثمانية وجرحوا أكثر من عشرة آخرين ثم استشهدا ، وهكذا نرى أمامنا صورة تناقض صورة أخرى : فدولة مثل إسرائيل الشرقية ملئت السماء والأرض ضجيجاً وتهديدات وشتائم على الشيطان الأكبر ، أي أمريكا ، وعلى الشيطان الأصغر ، أي إسرائيل الغربية ، لكن قادة هذه الدولة عندما جد الجد أصبحوا أرانباً ، ولم يقتلوا إسرائيلياً واحداً ، بينما بطلان من فلسطين قتلا ثمانية وجرحا أكثر من عشرة ، فتأملوا الفرق بين البطل الحقيقي والبطل المزيف ! .

أسس نظام الملالي فيلقاً أسماه ( فيلق القدس ) كي يدرب آلاف البشر من أجل تحرير القدس ، لكن هذا الفيلق احتل العراق ودمره بدعم أمريكي رسمي ، ثم خرب سورية واليمن ولبنان وتجول فيها يقتل الاطفال ويغتصب النساء وهو يهتف بشعارات طائفية مقيتة ، وينشر الفساد بكافة أنواعه لكنه لم يدخل القدس ولا فكر بذلك ! .

عندما جاء الوقت المناسب لتحرير القدس في طوفان الأقصى رأينا خامنئي وقد تحول إلى أرنب ، والسبب هو ليس لأن إسرائيل الشرقية أرنب ، وإنما لأن موقفها من القضية الفلسطينية وعموم القضايا العربية ينبع من نظرة استعمارية عنصرية توسعية هدفها احتلال الأقطار العربية وضمها إلى إمبراطورية فارس التي تعمل النخب القومية الفارسية في قم وطهران على إعادة بنائها ، وذلك مستحيل من دون اختراق صفوف العرب والمسلمين بشعارات حبيبة على قلوبهم ، وأكثرها قرباً للقلب هي القضية الفلسطينية .

وهكذا فإن الجد حينما يأتي وقته تنكشف الدوافع الحقيقية ، فالنظام الإيراني غير مستعد للتضحية بجندي إيراني واحد من أجل فلسطين ، وهذا ما قاله خامنئي بكل وضوح ورسمياً ، لأن هذا الجندي الإيراني وغيره أعدوا لغزو الأقطار العربية بعد أن تمكن أمريكا نغولها في كل قطر من الاستيلاء على الحكم ثم يأتي القادة العسكريون الإيرانيون لإقامة قواعد تثبت الاحتلال ، مثلما حصل في العراق ، وهذه هي الحقيقة التي تبعد النظام الإيراني عن أي خطوة تهدد بإجهاض مشروعه القومي بواسطة أمريكا أو الغرب والصهيونية إذا تجاوز الخطوط الحمر .

تذكروا هذه المفارقة : فلسطينيان بلا سلاح يهاجمان جنديين إسرائيليين ويستوليان على السلاح منهما ويقتلان ثمانية ويجرحون أكثر من عشرة ، بينما دولة كبرى لديها سلاحها  الاستراتيجي وتوزع مسيَّراتها وصواريخها على نغولها في اليمن والعراق وسورية ، وتعطي السلاح لدول أخرى ، لا تريد أن تشن هجوماً حقيقياً على إسرائيل الغربية ، فتشن هجوماً خلبياً أعلنت عنه مسبقاً ، وهي ظاهرة غربية في الحرب والتي تحاط دائماً بالسرية ! ، وبسبب قيام طهران بإعلام أمريكا أوصلت المعلومة ل” نتنياهو ” فاحتاط ونزلوا إلى الملاجئ ، فلم يقتل إسرائيلياً واحد .

ما معنى ذلك ؟ ، فكروا بهدوء سترون كيف أن إيران هي توأم إسرائيل الطبيعي ، هل علمتم الآن لِمَ اسميناها إسرائيل الشرقية ؟ ، واسألوا : هل يمكن لنغل إيراني مثل ( حسن نصر الله ) أن يعده بعض التائهين شهيداً ؟ .

 

Almukhtar44@gmail.com

3-10-2024