سيحضر الكثير من حملة العناوين ويغيب الشعب / الدكتور محمد ولد الراظي عضو قيادة حزب الإصلاح

الحوار محمدة كبيرة والتشاور كذلك فكلاهما فرصة للتلاقي وتبادل الآراء والتجارب والأفكار …..و العقل كالمظلة لا يفيد صاحبه إلا حين ينفتح والإنفتاح ليس فقط مطلوبا بل واجبا من كل ذي عقل سليم…. ولكن في السياسة كما في سائر العلوم هناك ضوابط تكاد تكون مسلمات وكل خروج عنها يكون مخلا وما قد ينتج عنه من ايجابيات إنما عرضا وصدفة والصدفة استثناء يؤكد قاعدة معاكسة.

أنظمة الحكم كجسم الإنسان لها قلب ورئتان فأما القلب فالسلطة القائمة وأما الرئتان فالطيف السياسي المعارض ولها دورة حياة تتجدد في مأمورية أو إثنتين وقد تزيد ولا تستغني السلطة عن معارضة نشطة وفعالة وإلا أصيبت بكساح قاتل والضحية أولا وآخرا هو الشعب المسكين.

لكن للأسف يبدو أن بلادنا نشاز عن سائر البلدان وسياساتنا بدعة وساستنا يقولون بالسياسة ويعملون بغيرها ولغيرها……

نحن بدعة في كل شيئ…….لغتنا الرسمية غير رسمية في أي شيئ ومن طالب بتفعيل نص دستوري حولها يكون أتي شيئا إدا……في حين أن الجرم يكمن في الإعتداء علي النص ولا اعتداء علي نص أشنع من العمل بنقيضه….ولكننا أيضا بدعة حين نطالب بحوار أو تشاور بين سلطة سياسية منتخبة وبين فسيفساء هلامية لا مشترك بينها سوي وصل من وزارة الداخلية أو عنوان نقابي أو وصل لنشاط من نشاطات مجتمع مدني ما زال في مراحل الحبو الأولي !!!!

لو أن المطالبين بالحوار انتظروا سنة أو اثنتين واكتشفوا اختلالات كبيرة وحاولوا الضغط لمعالجتها وفشلوا لكان الأمر معقولا أما أن يطالبوا نظاما منتخبا – لم يطعن أحدهم في عملية الإقتراع التي فاز بها ولا شك أحدهم في نزاهة المسار المحضر له- بتنظيم حوار وهو لما يكمل سنته الأولي فذلك أمر مريب خاصة وأنهم يقولون إنه ورث وضعية صعبة يصفونها بكل النعوت وجاءت جائحة الكورونا لتزيد صعوبة علي صعوبة وتعقيدا علي تعقيد….هل رأيتم هذا النموذج البدعة في أي ديمقراطية بالعالم ؟!!!

يقول الجميع بجو تهدئة سياسية وهذا صحيح ولكن القراءة الموضوعية للتهدئة السياسية ليست في تداخل الإختصاص بين سلطة ومعارضة بل في إتاحة الفرصة للجميع من أجل القيام بدوره المنوط به معارضة وموالاة….

ويبدو للأسف أن الجميع يري رأيا آخر فلا المعارضة تقوم بدورها ولا الأغلبية تضطلع بما عليها والجميع ترك مسؤولياته ويمم وجهه نحو لقاء مرتقب كل يسميه بالتسمية التي يراها أكثر أمنا لتحقيق ريع جراء صمت أو سكوت ( وليس الصمت كالسكوت) أو تهليل ولا أحد ينصح ولا آخر يراقب فكل لأسبابه التي تخصه راض وينتظر…….

الأحزاب الموالية عليها واجب النصح والإرشاد فالصديق من صدقك لا من صفق لك والأحزاب المعارضة عليها واجب الرقابة والمساءلة والكشف عن مكامن الخلل فهي الرئة التي تتنفس بها الديمقراطية…..

ولئن كان أحد أطراف الحوار معلوما وهو السلطة القائمة فمن هو الطرف الآخر ؟ وهل ستوجه الدعوة لكل من استلم وصلا من الداخلية لممارسة السياسة ؟ وهل هذا يكفي ليصبح حاملا لمشروع مجتمعي باسم جماعة معتبرة من المواطنين ؟ أم سيكون التمثيل في البرلمان معيارا لتوجيه الدعوات لذاك الحفل ؟ أم للنقابات مهما كانت مجهرية دور لا بد للحوار والمتحاورين منه ؟ هناك هلامية كبيرة في هذا اللقاء المرتقب – الذي سيكون أقرب للتمثيل منه لأي شيئ آخر – ينبغي للجميع التوقف عندها قبل ولوج مسار غير مفهوم وغير مأمون….

سيحضر كل من له عنوان وسيغيب الشعب كاملا لأنه للأسف ليس من أولويات أحزابنا السياسية معارضة وموالاة…

يصمت الجميع الآن عن هموم المواطن في انتظار اللقاء الموعود وحين ينفض اللقاء ولا يثمر شيئا مما كان منتظرا سيقلب ظهر المجن ويغرد في الإتجاه المعاكس ويتجه نحو هذا الشعب المسكين عله يستفز ذاكرته من جديد ليردد شعارات كان قد سمعها منه من قبل……..

لو التفت الجميع نحو الجوهر وطالبوا بتفعيل وسائل رقابة حيوية وبتحديد معايير تكون شروطا لا بد من توفرها في كل من تسند إليه مهمة إدارية أو فنية وبتجريم أي تقصير في العمل بدستور الجمهورية أو مساس ببند من بنوده وبناء ديمقراطية اجتماعية حقيقية……لكان ذلك أجدي وأنفع من كل تلك المظاهر الكرنفالية غير المفيدة وغير المعقولة…….أزمتنا الكبري بالأمس واليوم في أحزابنا السياسية وقادة الرأي والمشورة….