إن لم يحتفل المسلم بعيد المولد النبوي الشريف فليرح نفسه من كل الأعياد الدكتور محمد ولد الراظي عضو قيادة الحزب مكلف أمانة الارشاد و التوجيه الفكري

العيد لغة يعني يوما يفرح الناس فيه ويسرون ويعود كل سنة في وقت معلوم…. فكان عيد الفطر وكان عيد الأضحي ومن أمور الدنيا كان عيد الإستقلال وغيره..
في عيد الفطر يفرح المسلم بانقطاع عبادة ولكن أيضا بانتهاء مشقة بدنية كبيرة يعيشها الصائم شهرا كاملا.
ورغم أن هذه العبادة محددة زمنية إلا أنه من حيث المبدأ التوقف عن العبادة مهما كانت الأسباب ليس أمرا مفرحا للمسلم….

أما عيد الأضحي فهو استحضار لنجاة نبي من الأنبياء من الموت حين فداه الله بذبح عظيم وهذا يوم لا يخص المسلمين عن غيرهم من الديانات السماوية إذ الأمر يتعلق بسيدنا إسماعيل (وقيل إسحاق) بن سيدنا إبراهيم أبي الأنبياء……سلم نبي الله في هذا اليوم من موت محقق فكانت تلك أسباب للفرح والغبطة والتأمل في دلالات الفعل ومعاني الفرج…ونجاة الذبيح نجاة لنبي سيأتي من بعدها أنبياء كثر ….

أما عيد المولد النبوي الشريف فليس استحضارا لنجاة نبي قضي بعضا من العمر وواجه الموت علي يد والده ولكنه استحضار ليوم برز فيه للحياة سيدالأنبياء والمرسلين عامة…….وهو آخر أيام الفصل بين الحق والباطل ولن يأتي نبي من بعده.
أيكون رسول الله صلي الله عليه وسلم سيد الأنبياء والمرسلين و نبي الإسلام ومن جعله الله علي خلق عظيم وأسري به وعرج وأمٌَ أنبياء الله كلهم منذ آدم عليه السلام……وصلي الله عليه وسلم وصلت عليه ملائكته وسلمت وأمر عامة المسلمين بالصلاة والتسليم عليه…….ولا يكون يوم ولد يوم فرح وسرور يتكرر و تشتاق الناس إليه كي يعود كل سنة في وقته المعلوم !
ثم أليس من الأولي بالذين لا يقبلون بعيد المولد النبوي عيدا أن يطالبوا بإلغاء عيد رأس السنة الميلادية ورأس السنة الهجرية لأن من لا يُحتفل بمولده لا يُحتفل بهجرته…
يقول هؤلاء إنه صلي الله عليه وسلم لم يحتفل بمولده وهذا صحيح وأن صحابته الأربعة لم يفعلوا ذلك من بعده وهذا صحيح أيضا…..ولكن….

أما أنه لم يحتفل بمولده فمن غير الوارد أن يحتفل رسول الله صلي الله عليه وسلم بعيد مولده لأن العيد ذكري والرسول صلي الله عليه وسلم مازال حيا….

وعن عدم احتفال صحابته بهذا اليوم فلا يعني ذلك حكما شرعيا ملزما لعامة المسلمين ……بعد وفاته صلي الله عليه وسلم حصلت أمور اجتهادية كثيرة أخذ بعض المسلمين ببعضها وترك بعضهم بعضها……لقد دبت الخلافات بين المسلمين منذ اليوم الأول لوفاته صلي الله عليه وسلم وشهدت علي ذلك سقيفة بني ساعدة والخلافات الكبيرة التي نتجت عن ذلك وما لحقها من اصطفافات تسببت في مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه والحروب التي وقعت بين علي كرم الله وجهه وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأودت بحياة صحابة أجلاء كطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام …..

ثم إن الذين يرفضون الإحتفال بعيد المولد النبوي بحجة أن صحابته لم يفعلوا ذلك كان عليهم من نفس المنطلق أن يرفضوا صلاة التراويح وما يرافقها من موروث لأنها لم تكن قائمة قبل عمر بن الخطاب رضي الله عنه…..وكان علي هؤلاء أيضا عدم الأخذ ببعض الأحكام في التركة وغيرها وما كان من حد شرب الخمر الذي نقبل به جميعا مع أنه ما نزل في القرآن الكريم ولا كان في زمن رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا صاحبه الصديق…….

أخيرا يمتاز الإحتفال بعيد المولد النبوي الشريف عن سائر أعياد المسلمين بأهمية تربوية كبري إذ يغرس في نفوس أطفال المسلمين أن هناك يوما من كل سنة موعدا للفرح والزينه والسكينة والراحة وأن مرد ذلك أن الله سبحانه وتعالي خلق فيه سيد خلقه وخاتم أنبيائه….
فتكون في ذلك تربية للنشء علي الارتباط بهذا الدين في زمن يتعرض فيها الإسلام لهجمة شرسة خطيرة من خارجه ولهجمة تدميرية أخطر من داخله تستهدف الأركان الضابطة للعقيدة من خلال نشر ثقافة الخرافة وتأليه الفرد وتطويع الفتيا لخدمة أجندة السلاطين ……