هل تقف جهات خفية وراء انتشار فيروس كورونا؟ / فؤاد الحاج
بداية القصة: في السادس والعشرين من شهر كانون الثاني/يناير 2020 أعلنت الصين إغلاق مدينة ووهان بعد انتشار فيروس كورونا هناك في محاولة لمنع انتشار هذا الفيروس إلى باقي بلاد الصين. الجدير بالذكر هنا أن هذا الفيروس القاتل كان قد بدأ انتشاره في ووهان في منتصف شهر كانون الأول/ديسمبر من عام 2019 في مدرسة حيث أصيب سبعة أشخاص هناك، ولم يعر ذلك اهتمام أي مسؤول في العالم ولا حتى في وسائل الإعلام، وخلال أسبوع تم الكشف على 104 أشخاص تبين أنهم مصابون في هذا المرض المجهول الاسم آنذاك، وبين الأول من كانون الثاني/يناير 2020 وحتى منتصفه ازداد العدد إلى 240 حالة مرضية، صنفت على أنها حالة غير معروفة من الالتهاب الرئوي، وكان من بين المصابين مجموعة من العاملين في الرعاية الطبية، وكشف ذلك عن أن هذا المرض ينتقل بالعدوى بين البشر، ولكن مسؤول صيني أعلن أن احتمالات نقل هذا المرض بين البشر ضعيفة، وقد كشف ذلك عن ضعف العلاقة والتنسيق بين وزارة الصحة الصينية وبقية الإدارات في ووهان التي تعد المجمع العلمي والصناعي للصين، ثم تلاحقت الإصابات متسارعة بين سكان ووهان مما استدعى حكومة ووهان إلى منع السكان من مغادرة أماكنهم السكنية وفرضت حجراً عليهم، على خلفية فيروس كورونا، ثم ألغت الحكومة الصينية الاحتفالات العامة في البلاد وتم حظر أي قطار أو طائرة مغادرة مدينة ووهان، في الوقت الذي كان الصينيون يستعدون فيه للاحتفالات السنوية الكبيرة وتستمر لمدة أربعين يوما، ويشارك بها ملايين الصينيين، ويعتبر عيد رأس السنة الصينية الجديدة من أهم المناسبات التقليدية والذي يسمى أيضا عيد لم الشمل. وتعد السنة القمرية الجديدة واحدة من أهم التواريخ في التقويم الصيني، حيث يسافر ملايين الأشخاص من مختلف أنحاء الصين ومن خارجها إلى منازل عائلاتهم للاحتفال بالمناسبة التي تبدأ من 25 كانون الثاني/يناير حتى أول آذار/مارس)، التي يرافقها عروض الألعاب النارية الشهيرة وإقامة المعارض وعرض الأفلام والمسرحيات الجديدة والكرنفال الدولي وبطولات رياضية وحدائق الحيوانات والملاهي والمنتزهات وغير ذلك الكثير تم إلغاؤها.
وكان قبل ذلك في نهاية كانون الأول/ديسمبر 2019 قد فجّر البروفيسور الطبيب الصيني لي وان ليانغ (وهو أحد العاملين في مختبرات الأبحاث الصحية في ووهان وقد توفي الأسبوع الأول من شباط) عن تحذيره من مرض جديد وأنه ينتشر بسرعة بين الناس.
ومن المهم ذكره أن منظمة الصحة العالمية لم تتدخل ولم تعر ماذا يحدث في ووهان على الرغم من وجود مكتب لها في الصين، وبحسب ممثل منظمة الصحة العالمية في الصين، الدكتور غوادين غاليا، أعلن بتاريخ 16/3/2020 عن أنه علم بالأمر لأول مرة، وبشكل رسمي، في الثالث من كانون الثاني، وأنه كان يعلم أن الصين تعمل وبجهد كبير على مواجهة فيروس كورونا المستجد المعروف بكوفيد-19 منذ بداية ظهوره!
وكانت بكين منذ أواخر شباط الماضي قد بدأت تثير الشكوك حول مصدر هذا الفيروس القاتل، ومن ثم قال الدكتور تشونغ نانشان، الخبير في لجنة الصحة الوطنية الصينية ومكتشف فيروس السارس (2002-2003)، وصديق الدكتور المتوفي لي وان ليانغ، خلال مقابلة مع “رويترز” بتاريخ 11/2/2020 “أن الوباء صحيح أنه ظهر لأول مرة في الصين، ولكن لم يكن منشأه بالضرورة في الصين”.
وقبل ذلك بتاريخ 25/1/2020 أعلن زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي، فلاديمير جيرينوفسكي، عن فيروس كورونا متسائلاً: “هل هو بالفعل نوع جديد من مرض الإنفلونزا؟ كلا فالحديث يدور عن أزمة مصطنعة تقف وراءها الولايات المتحدة التي تتصرف بدوافع اقتصادية، إذ يخشى الأمريكيون من أنهم يفشلون في مسابقة الصينيين أو اللحاق بهم على الأقل”.
وأشار جيرينوفسكي إلى أنها ليست المرة الأولى التي تحدث فيها أزمات من هذا القبيل، مذكرا بأن لتفشي فيروس “كورونا” الجديد سابقات مثل إنفلونزا الطيور أو فرض حظر على استيراد لحم البقر البريطاني.
وأضاف: “ستهدأ الأوضاع في غضون شهر. كانت تلك الحملات مصطنعة، أدت إلى شراء الأدوية المطلوبة بكثرة، وهناك من كسب المليارات من ذلك، وهم يعيشون في سويسرا بالأساس”. بحسب ما أوردته (روسيا اليوم).
وقد أشارت تقارير إخبارية روسية إلى “المؤامرة الأمريكية للنيل من الصين والتي باتت قوة اقتصادية صاعدة ومنافسة للعملاق الأمريكي”. وبدورها ذكرت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية تقريراً جاء فيه “أن الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولة عن تفشي الوباء في الصين”. وأوضحت “أنّ واشنطن تسعى لاستخدام الفيروس كسلاح بيولوجي واقتصادي ضد الصين.”
هذه الروايات المختلفة تبناها كثير من المراقبين في العالم، إذ رأى بعضهم أنه “مثلما توجد لوبيات ورؤوس أموال تخلق الصراعات والحروب في العالم لبيع الأسلحة، كذلك توجد لوبيات لصناعة الفيروسات وتضخيم المرض في الإعلام مثلما حدث في: جنون البقر، وسارس، وإنفلونزا الطيور والخنازير، والجمرة الخبيثة، ليأتي بعد ذلك مصل العلاج ليباع بآلاف الدولارات، ليتحول الأمر لتجارة يذهب ضحيتها الأبرياء”.
لماذا تظهر كثير من الفيروسات بالصين؟
هذا التساؤل طرحه عدد من الناشطين والباحثين والمحللين السياسيين والاقتصاديين ووسائل الإعلام الغربية قبل العربية، إذ تساءل كثيرون لماذا كل الفيروسات التي تكون قاتلة تأتي من الصين؟ إنفلونزا الطيور كان في الصين وإنفلونزا الخنازير وحاليا كورونا كله يبدأ من الصين”.
ما قد يكون جواباً لهذا السؤال هو أن الصين تعتبر مركزاً اقتصادياً عالمياً وتشهد حركة هائلة للمسافرين والبضائع، وهذا قد يهدد بشكل أكبر بانتشار مرض معين أو وباء.
أما منظمة “العدل والتنمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، فقد اتهمت شركات أدوية عالمية تمتلك مختبرات سرية، بالوقوف خلف نشر الوباء بالصين، محذرة من انتشاره حول العالم.
وأكدت المنظمة في تقرير لها أن “هناك شركات أدوية عالمية تمتلك بالفعل مختبرات سرية لتخليق الأمراض وتقف خلف انتشار كورونا بالصين، وذلك لجني مليارات الدولارات من وراء إنتاج أدوية لتلك الفيروسات التي يتم نشرها بالعالم”.
وهنالك فيديو لافت لوزير الخارجية الأمريكي بومبيو انتشر في الأيام الماضية على وسائل التواصل الاجتماعي والـ”يوتيوب”، خلال استجواب في مجلس الشيوخ عن فيروس كورونا، حيث تهرّب من الإجابة على سؤال: إن كان يعتقد أن فيروس كورونا هو من فعل فاعل؟ وكذلك رد لوزير التجارة الأمريكي على أسئلة صحفيين قائلا: “لا تحدثونني عن الفيروس بل حدثوني كيف نستفيد منه”! وفي المقابل قال ناطق باسم الدولة الصينية “إن هنالك احتمال بأن الفيروس جاء به عسكريون أمريكيون خللا مباراة رياضية أقيمت في مدينة ووهان الصينية”.
وفي اعتقادي أن اتهام الصين بالوقوف وراء تصنيع الفيروس كلام غير منطقي، فمن غير المعقول أن تصنع الصين فيروساً يكبدها خسائر تقدر بآلاف مليارات الدولارات.
وللتذكير فقط فأن المتابعين للسياسات الاقتصادية الصينية سيجد في كل دول العالم أن غالبية الشركات صينية، والمحلات التجارية في في كل دول العالم أيضاً تعتمد بالأساس على المنتجات الصينية، وهذا الأمر عزز الاقتصاد الصيني وجعلها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، لذلك كتب محللون أمريكيون أن الصين تحاول منذ فترة طويلة تقويض أسس القوة العالمية الأمريكية، وهناك كتب وروايات عديدة لباحثين ومؤلفين أمريكيين منذ سنة 2003 تتحدث عن وباء كورونا الذي سيظهر في سنة 2020 وتركّز على أن مصدره الصين ومنها رواية صدرت سنة 2003 لمؤلفها (مارتن ريز) بعنوان (ساعتنا الأخيرة) وكذلك آلفين توفلر (عالم الاجتماع والمستقبليات الأميركي) الذي رأى حاجة البشرية إلى موجة حضارية ثالثة في كتابه (الموجة الثالثة)، وكان في بداية التسعينيات من القرن العشرين أصدر مع زميله (هايدي توفلر) كتابهما الموسوم (الحرب وضد الحرب – البقاء في فجر القرن الحادي والعشرين) الذي حظي باهتمام واسع من قبل المؤسسة العسكرية الأمريكية واعتمدته في السياقات العسكرية، وفي بلورة فكرها العسكري المبني على نظرية حرب المعلومات، والحرب التي تصنع الثروة، لأن الحرب والثروة ترتبطان ببعضهما البعض. وكذلك ظهرت في الغرب كتب كثيرة حول مخططات الغرب للقرن الحادي والعشرين.
واليوم هناك تقارير عديدة تتحدث عن تحديد منشأ الفيروس الذي سيساعد الخبراء والحكومات على تحديد الإجراءات المضادة والحد من انتشار موجات الوباء في المستقبل، لذلك نجد أن كثير من التقارير اليوم ومنها صينية وأوروبية وأميركية عادت لتركّز على أنه لا يوجد ما يدعم فكرة أن الفيروس هو جزء من سلاح بيولوجي، أو أنه تسرب من مختبر أبحاث، لتعمي النظر عن المنشأ الحقيقي مركزة على أن مصدره الحيوانات والطيور. والبعض من المتخصصين في مجالات الصحة والطب يبرزون على وسائل الإعلام بأنواعها بدأوا يركّزون على أن “كورونا طور سلالته” وقد نشر باحثون من جامعة كامبريدج دراسة حديثة أوضحت أن ثلاث سلالات متميزة من كورونا قد تطورت، وراحت كل سلالة تؤثر على أجزاء مختلفة من العالم.
كما أضافوا أنه تم العثور على النوعين (أ) و(ج) بنسب كبيرة بين الأوروبيين والأميركيين، في حين أن النوع (ب) كان النوع الأكثر شيوعاً في شرق آسيا. وأفاد بحث جديد أعد في كليتي “إيكان” و”غروسمان” للطب في جامعة نيويورك أن سلالة الفيروس التاجي التي انتشرت في نيويورك وأجزاء أخرى من الولايات المتحدة التي ليست على الساحل الغربي نشأت في أوروبا وليس الصين، حيث تم اكتشاف الفيروس لأول مرة في أواخر العام الماضي.
وتضيف الدراسة “فقد حللت فرق البحث في الكليتين التاريخ الوراثي للفيروسات المأخوذة من سكان نيويورك بدءاً من منتصف آذار/مارس وخلصوا إلى أن العديد من تلك الفيروسات التاجية “أوروبية الأصل”.
وفي هذا السياق، قال (هارم فان باكيل)، الباحث في كلية “إيكان” والذي شارك في الدراسة لصحيفة “نيويورك تايمز”: “الغالبية أوروبية بشكل واضح”.
وعلى الرغم من ذلك نجد أن المحلل السياسي الروسي أندرية أنتيكوف لم يزل يركّز على “أن الولايات المتحدة الأمريكية عملت على تخليق فيروس كورونا، في معاملها البيولوجية بعيداً عن كل الشائعات التي تروج على منصات التواصل الاجتماعي”. مؤكداً: “أن بعض المعلومات تقول إن هذه المختبرات تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية”.
هل ينتقل فيروس كورونا في الهواء؟
بعد حوالي مائة يوم على انتشار وباء كورونا الذي اجتاح العالم براً، تم خلالها فرض اتخاذ إجراءات السلامة للحد من انتشار الفيروس القاتل التي تتطلب مسافة أمان بين الناس، وعدم لمس الأسطح وغسل اليدين بشكل مستمر، لأن هذا الوباء ينتقل بالعدوى من خلال الملامسة وأنه يدخل إلى جسم الإنسان من خلال الفم والأنف والعين، لذلك يجب الابتعاد بين الأشخاص ما بين متر ونصف المتر إلى مترين، وأنه لا ينتشر في الهواء، لكن يبدو أن هذه الإجراءات غير كافية. فالفيروس ينتقل بطرق قد لا يعرفها كثيرون، ومنها أن هذا الفيروس قد يبقى معلقاً في الهواء (إذا عطس أحد المصابين) ضمن دائرة قطرها أربعة أمتار منه، وأن الفيروس يمكن أن ينتقل عبر الأحذية، وهو الأمر الذي لم تشر إليه أية تعليمات أو توجيهات حتى من منظمة الصحة العالمية. وهنا أطرح التساؤل التالي: بعد أن أعلنت وكالات الأنباء عن تسجيل 50 حالة فيروس كورونا على متن حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول التي تبحر في المحيط الأطلسي، وكذلك حاملة الطائرات الأميركية ثيودور روزفلت التي تبحر في المحيط الهادي، والتي أصيب حوالي 500 حالة إصابة، دون أن تشير أي من الأخبار لماذا وكيف أصيب الجنود الأمريكان والفرنسيين المعزولين عن العالم في عمق المحيطين، وكيف وصل الفيروس إلى هذه السفن الحربية، خصوصاً أنها لم تكن على تواصل مع أي طرف خارجي منذ منتصف شهر آذار/مارس الماضي. فهل إصابتهم كانت سابقة وتم التكتم عن حالتهم؟ أو أن هذه السفن كانت تحمل أسلحة بيولوجية ومنها فيروس كورونا؟ والأخطر هو هل أن هذا الوباء القاتل ينتقل عبر الهواء؟
أخيراً، هناك قاعدة جنائية تقول “إذا أردت الوصول إلى الجاني فابحث عن المستفيد من الجريمة”، وهذه القاعدة هي التي يجب أن ينطلق منها كل عاقل، وعلى هذا الأساس نجد أن الصين خارج دائرة الاتهام كما يتم الترويج له من قبل وسائل إعلام غربية تخدم أجندات معينة.
وأختم متسائلاً ما هي علاقة فيروس كورونا في الحرب الاقتصادية الأميركية الصينية، وما علاقة شركات التكنولوجيا العالية في أوروبا وأمريكا في منع التصدير التكنولوجي إلى شركة هواوي الصينية؟ وما هي قضية الأسرار التجارية وحقوق الملكية الفكرية في الحرب الاقتصادية الأمريكية الصينية؟
وإذا كان الفيروس أمريكي فهل سيكون العلاج صيني؟