من اغتال هنية ؟ الدكتور :محمد ولد الراظي

 

ليست المرة الأولى ، ولن تكون الأخيرة ، التي تطال فيها يد الغدر الصهيوني  قادة الثورة الفلسطينية ؛ فقد حاولت اغتيال خالد مشعل في عمان وقبله  اغتالت خليل الوزير وصلاح خلف وغيرهم كثير  ولكن هذه المرة حصل الإغتيال في زمن الحرب وعادة ما تكون الإحتياطات الأمنية على أشدها في زمن الحرب وتكون يقظة الإستخبارات في أعلى درجات الإستنفار

 ثم إن ما حصل اليوم حصل في طهران وليست طهران كمثل عمان و ليست كمثل بيروت وليست طهران بقدر تونس بل عاصمة لإحدى  القوى الصاعدة على مستوى العالم وواحدة من  أهم وأقوى دول المنطقة……. فمن اغتال هنية ؟

المخابرات الأمريكية والإسرائيلية موجودة بقوة في قطر وهذا أمر طبيعي وحين تقرر أن تتعقب خروج هنية من بيته بالدوحة وتتقصى حيثيات سفره وعائلته ووقت الإقلاع والوقت المفترض للهبوط في طهران يكون الأمر عليها في منتهى السهولة ؛ لكن لماذا غادر هنية قطر إلى إيران في هذا الوقت بالذات؟ ومتى وصل طهران ؟ وهل تصادف اغتياله مع لحظة نزوله بإقامته فتكون أمريكا ترصدته بأقمارها الصناعية وفور وصوله من المطار أغارت عليه قبل أن يتخذ الإحتياطات الأمنية ويستقر في مكان آمن؟ أم أن  إسماعيل هنية وصل طهران قبل مدة وأخذ الوقت الكافي لتحديد مكان إقامة آمن فتكون المخابرات الإيرانية مخترقة إلى أبعد الحدود أو تكون شريكا في العملية مع مخابرات عربية لا يستبعد أن تكون من بينها قطر ومصر والسعودية ؟ ثم إن كانت العملية حصلت بمسيرات فأي الأجواء  قد تكون سلكتها  لتضرب طهران ؟ وكيف فشلت الدفاعات الجوية الإيرانية في رصدها خاصة وأن عنصر المفاجأة لم يكن موجودا إذ تم قصف بيروت ساعات فقط قبل حادثة الإغتيال؟ وإن كانت العملية وقعت بوسائل من داخل إيران فكيف لا يكون مكان إقامة شخص مطلوب لأمريكا مؤمنا بما فيه الكفاية من أي تخريب داخلي ؟ وكيف يمكن القبول بأن عملية بهذا الحجم تفوت على أجهزة المخابرات الإيرانية؟ أم أن هذه المخابرات أو أجنحة منها قد تكون ضالعة في العملية من أجل تسهيل مسارات قد تكون فيها فوائد أكثر للجمهورية الإيرانية ؟  وما علاقة عملية الاغتيال بوضع اللمسات الأخيرة على مسودة اتفاق ينهي مأساة غزة ويفتح المجال أمام “مصالحات” بين إصلاحيي إيران الجدد وأمريكا ومعسكرها  ؟ وما علاقة الحادث بالإنتخابات الأمريكية وسعي الديمقراطيبن لترجيح الكفة لصالحهم من خلال منح نتنياهو “نصرا” يسوقه في الداخل ليمرر قبوله بالصفقة التي ظل يعاند طويلا للقبول بها ؟

أسئلة ستبقى دون إجابات قاطعة لبعض الوقت ولن تتضح الصورة قريبا حول من شارك في الإغتيال الغادر ولن تتضح قريبا المقاصد الأمريكية من وراء الفعلة الشنيعة – فأمريكا هي من قتل ولا وجود لإسرائيل دونها ولا قرار – وسيمضي بعض الوقت قبل أن تتضح نتائج هذه العملية وستتعدد الآراء والإستنتاجات ولكن أمرا واحد سيكون هو المؤكد ولن يختلف عليه إثنان أن النضال الفلسطيني سيزداد عنفوانا وقوة وأن الثورة الفلسطينية لن يلين لها ساعد وأن الإغتيالات لا تزيدها إلا قوة وصلابة فالتجارب كلها تؤكد أن كلما عظمت الفاجعة  وكلما كان الرزء كبيرا كلما تفجر بركان غضب  أكثر حمما وأوسع مدى وأقوى…..

تغمده الله روح إسماعيل هنية وأرواح كل فرسان النضال الفلسطيني و العربي والإسلامي بواسع رحمته وأسكنهم .