إلى السيد النائب بيرام الداه اعبيد مع التحية.(الدكتور محمد ولد الراظي)
السيد النائب
لا بأس أولا أن أتقاسم معكم شذرات من تاريخ الفعل السياسي المناهض للعبودية في موريتانيا منذ عقود علَّ ذلك يساعد في كشف ما لم يكن معلوما لديكم أو يذكركم بما قد تكونون نسيتموه أو تناسيتموه أو يساعد في الحيلولة دون مزيد من التصامم عن حيثيات حقبة مهمة من تاريخ البلاد السياسي وموضوع شغل الكثير من الناس وأخذ منهم الوقت الطويل والجهد الجهيد في صمت وهدوء….
كان الكادحون أول من بدأ النضال ضد العبودية وصدحت به حناجرهم فاستنفر قرائح الشعراء ومواهب الأدباء وكتبوا عنه الشعر الجزيل والنثر البديع ثم انشغل البعثيون بالموضوع كثيرا ولهم فيه كتاب منشور “البعث ولحراطين” يتعرض لنشأة الظاهرة ويشخص واقع الإستعباد ويقدم حلولا ومقترحات للقضاء على الممارسات الإسترقاقية…..لم تكونوا حينها قد تجاوزتم السن الخامس عشرة من العمر…
في مطلع الثمانينات تأسست حركة الحر على يد قادة سياسيين من شريحة الأرقاء السابقين فانتشرت الدعوة في عموم البلاد وكانت حديث الأوساط الطالبية ونوادي الفكر والثقافة.
كان لكل جماعة من هذه الجماعات تصور للقضاء على الظاهرة يختلف عما يراه غيرها ولكن خيطا ناظما جمع بين الجميع أن ظلت محاربة العبودية شأنا محليا لا دخل فيه لأحد غير الموريتانيين…..كنتم حينها لما تزالون طفلا يافعا.
الغرب الذي يمد لكم يده اليوم ويفتح لكم ذراعيه ويعدكم بالدفء والعطف والحنان كانت له يد وأذرع وكان له دفء وحنان لكنه لم يجد من يطلب ذلك ولا من يقبله منه من بين قادة الحر…..لم يقبل بيجل تدويل قضية نبيلة عادلة ولم يقبل به المرحوم محمد الحيمر ولا الساموري ولا مسعود ولاعاشور ولا السقير ولا بلال ورزك ولا بوبكر مسعود ولا أي من قادة الحراك جميعا …..
كانت العبودية حينها حقيقة قائمة في مجتمع البيظان ولم تكن مجرد آثار تشهد عليها كما هو الحال اليوم لكن القوم فضلوا أن يخسروا الغرب وحضنه وفنادقه وإكرامياته ونياشينه وأضواءه ومؤتمراته ومؤامراته ويربحوا قيمهم ومبادئهم وتصالحا مع النفس ووطنا لا بديل لأحد عنه ولا منفى عنه إلا إليه……هي هذه التجارة التي لا تبور ، رحم الله من قضى منهم و مد في أعمار الباقين.
السيد النائب
الذين ناضلوا ضد الإسترقاق في هذه الأرض كانوا جميعا من مكون البيظان ولا ييقبلون من أحد أن يزايد عليهم في موضوع العبودية فمنهم من كتب عنها في الصحافة الورقية يوم لم يكن من صحافة غيرها ومنهم من بحث فيها ونشر وكتب ودون لا يريد جزاء ولا شكورا وإنما إيمانا بعدم شرعيتها وبالحاجة للقضاء على آثارها المنتشرة بين كل أبناء الأرقاء السابقين وفي كل مكان من أرجاء هذا الوطن الفسيح…..
وفي المقابل لم تشغل هذه الظاهرة المقيتة بالا لأي من حلفائكم في العمل السياسي “قوات تحرير أفارقة موريتانيا”، هؤلاء الذين حملوا السلاح من أجل قومية لونية، بدعة ما سبقهم لها أحد ، لا يرف لهم جفن لمأساة عشرات الآلاف من هؤلاء الأفارقة الذين استعبدهم مجتمع يضن عليهم أن يدخل أحدهم بيتا من بيوت السادة أو يهمس بكلمة بحضرة نبيل من قومه وحين يموت يدفن في مقابر خاصة بعيدة عن مقابر السادة والنبلاء !!!!! فأية مزحة هذه حين تدَّعون محاربة عبودية لم يعد لها وجود داخل مجتمع البيظان بالتحالف مع استعباديين موغلين في ازدراء العبيد في محياهم ويوم يموتون !!!!!
السيد النائب
بدأتم مسيرتكم كناشط حقوقي يسعى لمحاربة العبودية، ثم تحولتم للعمل السياسي لاحقا فأودعتم ملفا لتشريع حزب سياسي والسياسة والنضال الحقوقي عادة كل منهما في واد…… فهل اكتملت المهمة الحقوقية التي شغلتكم أول الأمر فتفرغتم للعمل السياسي أم أنكم فشلتم فيها فتوجهتم لطريق آخر يكون الحظ فيه أوفر من سابقه ؟ أم أن جهات معينة أشارت عليكم بتوظيف العمل الحقوقي في الحقل السياسي وإن كان الأمر كذلك فهل هذه الجهات هي التي أشارت عليكم أيضا بالتحالف مع “فلام” ؟
بعد عقود من العمل تحين لحظة المراجعة وجرد الحساب فما الذي حققتم للقضية التي تناضلون من أجلها ؟ إن كان قانون إلغاء الرق فقد صدر عام 81 بجهود هادئة من حركات وأحزاب تؤمن بالقضية لذاتها لا لمكاسب تجنيها منها…..فهل لكم أن تذكروا إنجازا واحدا يحسب لكم في موضوع تحسين أحوال الأرقاء السابقين في معاشهم ومأمنهم وملبسهم ؟ لم نلحظ غير خطابات جارحة توزعونها يمنة ويسرة وأفعال مستفزة لمشاعر الناس، أهليكم وذويكم ، في حرق كتب لهم فيها مرجعية نفسية ودينية كبيرة والإساءة لمرجعيات صوفية يجتمع في رحابها الكثير من المسلمين بيضا وسودا وعربا وعجما في البلد وخارجه وحفرتم حفرة كبيرة باعدت بين الأخوة والأشقاء داخل مجتمع البيظان بمكونيه…..
صحيح أنكم حين تطلقون عبارات جارحة في حق مجتمعكم مجتمع البيظان، تعممونها تارة وتخصون تارة، قد تجدون من بين الأخوات من تزغرد طربا وتجدون من بين الإخوة من يضرب الدف نشوة بما سمع ولكن الذي غاب عنكم هو أنكم بكل كلمة جارحة تبعدون عنكم الآلاف من أهليكم الحقيقيين سنوات ضوئية وتخلقون في نفوسهم سلبية مطلقة اتجاه شخصكم ومن يتصور أنه سيصل لرئاسة بلد يسب ويشتم بعض مكوناته كل يوم يكون قد أصابه وهم شديد….
لا شك أنكم حين تخلدون لقسط من الراحة ستدركون أن مقاربتكم هذه لم تنجح إلا في إلحاق الضرر بالنسيج المجتمعي للبيظان ولتعلموا أن هذا بالضبط هو ما يعرف بالخطة “ب” عند “فلام” يوم عز عليها تحقيق انفصال ودولة بديلة بالطرق العسكرية؛ فما الذي دعاكم للتحالف مع جماعة تدعو علنا للعمل المسلح وتمزيق كيان البلد الجامع ؟ وهل لمستم يوما في أدبيات حركة “فلام” ومسلكياتها أي اهتمام حقوقي أو أي دعوة للنضال من أجل محاربة الإسترقاق داخل مجتمات ما زالت تظلم الحي والميت ممن يصنفونهم من “دُونية” المجتمع ؟ أم أنكم حين توجهتم للحقل السياسي اكتشفتم نقاط تقاطع كثيرة مع توجهات الحركة السياسية فكان التحالف على خلفية أهداف مشتركة ؟ وما الذي قد يجمع سياسيا بين حزب “الركٌ” تحت التاسيس من جهة و”فلام” من جهة أخرى غير أنهما لا يملكان ترخيصا للعمل السياسي ؟
السيد النائب
لا تنمية لأي بلد كان ولا رفاه لأي شعب إلا في ظل الإستقرار والأمن، فقد نسب لإبن تيمية قوله “إن ألف يوم من سلطان جائر خير من يوم واحد من دون سلطان ….” والأمن هنا يعني أمنا محميا من الداخل فلا أمن يُستورد من خارج الحدود ولا سلطان ولكم في جمهورية مالي المجاورة خير مثال؛ فقد جاءتها جيوش فرنسا ل”المساعدة ” في بسط سيطرة الحكومة المركزية على عموم التراب المالي يوم كانت 20% فقط من البلاد خارج السيطرة ويوم مغادرة هذه القوات الأراضي المالية كانت 80% من أرض مالي بيد الحركات الإنفصالية !!!!! إن التحالف مع الحركات الإنفصالية لا يخدم قضية وطنية ولا يجبر المظالم بل يفاقم المآسي ويدخل البلاد في نفق مظلم فلماذا تتحالفون مع “فلام” وتنسون الإهتمامات الحياتية الملحة لأبناء لحراطين وغيرهم من أبناء الوطن الآخرين ؟ ولماذا لا تطالبون الحكومة ببناء مدارس مجانية في آدوابه ؟ ولماذا لا تطالبون بمحاظر مجانية في آدوابه ؟ ولماذا لم تطالبوا ببناء سدود واستصلاح أراضي زراعية وتمكين المزارعين من زراعتها في المناطق الفقيرة التي يسكن فيها غالبية من المواطنين من أبناء الأرقاء السابقين ؟ أم أن تمدرس هؤلاء قد يفسد عليكم خطاب التحريض والتجييش ويأتي بكفاءات تقرأ سيرورة التاريخ قراءة صحيحة وتفهم محددات العلاقات السوسيولوجية فهما صحيحا فتكون هي القاطرة لتحرير موريتانيا كلها من أسباب التخلف والظلم والتهميش ؟ وهل يكون التعامي عن هذه الأمور الجوهرية بسبب أولويات حليفكم “فلام” أو تكون المصالح المشتركة هي التي جمعتكم فأصبحت هذه المقاربة هي أولوية الحلف بشقيه ؟ وهل تعرفون حقيقة حليفكم هذا ؟ وهل تعرفون شيئا ولو قليلا عن تاريخه يوم نشأ وعن مساره وعن أهدافه ؟
السيد النائب
تأسست “فلام” عام 83 إبان نظام حكم الرئيس هيدالة أمده الله بالصحة والعافية ، كانوا يقولون عنه إنه لهم صديق حميم وكان نظامه حينها في صراع مرير مع التيارات القومية العربية، بعثيين وناصريين يتناولون بين عذابات المنافي والسجون والفصل من الوظيفة والملاحقات في الحل والترحال ولم تكن نخب البولار من “فلام” تشكو من حكمه ظلما ولا تقصيرا ولم تكن تنكر عليه أمرا، ورغم ذلك فقد مضوا قدما في مشروع الدولة البديل، فاجتمعت منهم فصائل أربعة وأسست ما أطلقت عليه “قوات تحرير أفارقة موريتانيا” المعروفة اختصارا بحركة “فلام” والأفارقة الذين يراد تحريرهم مجرد كناية عن قيام دولة البولار حصرا “دولة الوالو والو ” إذ لا رابطة تربط البولاري والسوننكي والولفي غير تلك التي تربط كلهم مع البيظان سوى لون البشرة فابتدعوا قومية لونية ما سبقهم لها أحد ولا تستقيم منطقا ولا عقلا لكن كل شيئ مباح عند القوم مادام قد يقربهم زلفى من الإطاحة بمكون معين والله وحده أعلم ما الذي كانت تنويه الحركة يوم تحكم البلاد وما الذي تنويه اليوم…..
مؤسسو حركة “فلام” هم ورثة جماعة بيان 19 الصادر في فبراير 66 و جماعة “بيان الزنجي الموريتاني المقهور” من بعدها صاحبة البيان نفس البيان ولكن بتاريخ ابريل 86 تحت عنوان “من الحرب الأهليةعام 66 إلى الكفاح المسلح من أجل التحرير 86 ” …….هذا قولهم عن أنفسهم فكيف تقرأونه ؟
عام 66 قررت وزارة التعليم زيادة ساعتين فقط من تدريس اللغة العربية على المستوى الإعدادي، ثارت ثائرة القوم وكادت الأرض تسقط على السماء فاشعلوا حربا كادت تقضي على الدولة الوطنية في سنوات عمرها الأولى.
عادت الحركة لتأزيم الوضع عام 79 وكان السبب المعلن هذه المرة أن زيادة في ضارب اللغة العربية قد تقررت بموجب التعميم 002 فنزل شباب الحركة يعيثون في الأرض فسادا وقتلوا شابا عربيا كان جالسا أمام ثانوية البنين في نواكشوط……لا دخل له في التعميم ولا دور !!!!
صدر هذا التعميم بعد الإعلان الرسمي عن ميلاد حركة “الحر” بفترة قصيرة فتهيأت الفرصة لجماعة البولار “الفلاميين” لتختبر تأثير الإعلان على تماسك مجتمع البيظان فتبين لها بسرعة أن حركة “الحر” تسعى -وليست وحدها- لرفع الظلم وجبر المظالم وأنها لا تنخرط في مشروع يفضي لتمزيق نسيجها المجتمعي وأن المفاضلة بين العربية والفرنسية لا تحتمل لديها أن تختار……
السيد النائب
ستتغير الأحوال وتأتي فرنسا بديمقراطية “لابول” لتبشر بحق الناس في التعبير بلا حدود وتُعَطل كل دعوة لاستحصال باقي الحقوق ، فتلك تتعارض مع مشروعها لنهب خيرات الشعوب والبلدان فيكون التعبير عن الرأي، بلا قيد من أخلاق ولا كابح من ذوق سليم، مجرد تنفيس للناس عن هموم الحياة و متاعبها ……استهوت الشعوب مَكْرمة التعبير بلا قيد فانشغلت بنبش مكبوتات الماضي وجراحاته وما كان فيه من ظلم ومظالم لتشتعل بين مكوناتها حروب تشغلها عن حاضرها ومستقبلها…….
خسر الجميع حاضرهم وخسروا مستقبلهم وفاز الحكام بالبقاء وفازت فرنسا بما كانت تبغي ؛ أذرعا محلية تفعل ما تريدها أن تفعل فتنهب بها خيرات البلدان وتستنفرها فتهب للدفاع عن لغتها يوم تتعرض لخطر من أي كان …..
هذه الديمقراطية هي التي نتخبط فيها منذ عقود وهي التي خرجنا للتو من أهم فصل من فصولها وكنا قد أنهينا منها فصلا آخر منذ سنة تقريبا حين خرجنا ننتخب العمد والنواب والمجالس المحلية.
حصلتم في الإنتخابات الرئاسية على نسبة كبيرة من أصوات الناخبين بلغت %22 وكنتم قد حصلتم قبل عام يوم ترشحتم على رأس اللائحة الوطنية للنواب على نسبة ضئيلة من أصوات نفس الناخبين في حدود %4 ، فلماذا برأيكم جاء الفرق كبيرا بينكم مرشحا على اللائحة الوطنية وبينكم مرشحا للإنتخابات الرئاسية والقواعد الناخبة في الحالتين سيان ؟ وماهي مبررات من تخلف عنكم يوم استفتيتم الناخبين للحصول على تزكية دخول البرلمان ؟ وماهي الأسباب التي دفعت بقدر كبير من الناس أن يلبي نداءكم في الرئاسيات ويتصامم عنكم في اللائحة الوطنية !!!!
السيد النائب
إن لكم قاعدة ثابتة هي ما بقي من جمهور “إيرا” بعد أن هجركم الكثير من الصحب والخلان ولم يقدر أن يواصل معكم المسار وما عدى ذلك فجمهور “فلام” وهو جمهور ثابت هو الآخر قلما ينقص لكنه لا ينفر نحوكم إلا حين يكون له من وراء ذلك قصد معلوم وينأى عنكم بسرعة بمجرد أن ينتفي السبب….فهدف “فلام” من دعمكم في الإنتخابات الرئاسية يستند لحسابات واضحة أولها أن الحركة تسعى للحصول على مبرر تُشعل به البلاد فوجدت فيكم من إن ناصرته من خارج حاضنتها المجتمعية سيحصل على نتيجة قد تبرر الطعن في شفافية الإقتراع فيشكك فيه -كما فعلتم- فيعطيها مبررا للفعل الآتي وقد كنتم خيارها لهذه المهمة فإما أنكم اتفقتم معها أو أنكم وقعتم في شراكها فقد رفضتم النتائج قبل ظهورها رسميا وقامت هي ومن معها بردة الفعل قبل انقضاء الأجل القانوني للطعون……ولم تطعنوا في نتائج قلتم إنها مزورة !!!! هي لعبة مكشوفة سيئة الإخراج يقينا لكن القوم ربما استعجلوا فعلتهم خشية أن يعلن باقي المتنافسين القبول بالنتائج فتضيق دائرة التبرير…….إن كنتم لا تعرفون ما تريدون فإن “فلام تعرف ما تريد…….
لا شك أن النتيجة التي تحصلتم عليها نتيجة معتبرة من أصوات الناخبين لكنها لا ينبغي أن تغركم كثيرا ، فقد غاب عن الصناديق ما يقارب % 45 من المسجلين والذين غابوا لو كانوا حضروا لتراجعت النسبة التى صوتت لصالحكم إلى وحدات قليلة في المائة ولا يغرنكم دعم “فلام” ولا ينبغي أن ينسيكم حقيقتها ونظرتها لكم ولشريحتكم ولقومكم جميعا فأحداث السنغال شاهد أنها لا تميز بين الأسمر الداكن وبين من هو أقل منه سمرة من مجتمع البيظان….
ثم إن هذه الحركة تحارب ما تسميه حكم البيظان بصفة عامة وترفض سادتهم وأمراءهم فكيف ستقبل بمن ينحدر من أرقائهم رئيسا وهي التي تعشعش فيها عبودية وطبقية لا مثيل لها في التاريخ و لا يسلم منها حي ولا ميت !!!!!
فما الذي يجمع بين بيرام وصمبا تيام ؟ ولماذا لا ينبس صمبا تيام ببنت شفة عن عبودية في قومه يعيشها الأحياء وتشهد عليها مقابر الأموات؟ هل لحرص منه على تماسك قومه ؟ أم لأن الرعاة في الخارج يودون التفرغ لمجتمع البيظان ليخلو لهم وجه موريتانيا التي يرضونها؟ ولماذا يكون موضوع “الإرث الإنساني” الذي يتعلق بجبر مظالم وقعت في حق جماعة معدودة أكثر الحاحا من المطالبة بتحرير عشرات الآلاف من الأرقاء الأحياء…..وهل تعلمون أن ملف الإرث الإنساني قد تم طيه مع الجماعة المنتدبة من ذوي الضحايا ثم بعد ذلك ظهرت جماعات تقول إن الذين انتدبوا لم يقوموا بما عليهم القيام به فأصبح الملف شماعة كلما انتهى يفتح من جديد….
فعلام تمت الشراكة بينكم مع “فلام” ؟ هل اتفقتم كما ذكر صمبا تيام على عودة المدرسة لسابق عهدها الفرنسي ؟ وهل تعلمون أن هذه المدرسة التي ستعودون بالبلاد إليها هي ذاتها التي تخرج منها صمبا تيام الذي تباهى مرارا وتكرارا حين كان يعرض فقرات من برنامجكم يوم تصلون للسلطة ، أنه لا يفهم كلمة واحدة من اللغة العربية ؟ وهل اتفقتم كما قال على فيدرالية يكون الإقليم صاحب السيادة في اللغة والأمن المحلى والقضاء ولا يبقى للسلطة المركزية غير التمثيل الدبلوماسي وتأمين الحدود ؟ هل تعلمون أن هذا هو ما ورد في بيان 19 عام 66 وهو بعينه ماورد في” بيان الزنجي الموريتاني المقهور” عام 86 وما زال منشورا على موقع “فلام” الألكتروني ؟ وهل تعلمون أن لحراطين كانوا من أكبر ضحايا مجازر الموريتانيين عام 89 وهل تعلمون ما قامت به الحركة من أدوار في تلك المجازر ؟ وهل تعلمون أن عودة الفرنسية لغة تعليم يعني تعريض عشرات الآلاف من شباب لحراطين لضياع حتمي ؟ وهل سمعتم يوما بقومية لونية في هذا العالم الفسيح ماضيا وحاضرا ؟
وما الذي أخذه صمبا تيام من برنامج “ايرا” ؟ أم أن “ايرا” يراد لها أن تكون ذراع “فلام” داخل مجتمع البيظان ؟ وهل ترضون أن تكونوا أنتم من يقوم بهذا الدور ؟ أم أن الذين يديرون المعركة من وراء الحدود يأمرون ولا يُسألون ؟
لو كانت فلام تدير معركة سياسية مع أنظمة حكم لهادنت من يهادنها وعادت من يعاديها فهل كان محمد خونا ولد هيداله عدوا ل”فلام” ؟ وما الذي ألحقه ولد الغزواني من أذى بحركة “فلام” حتى يستحق منها رفض فوزه قبل فوزه وتنزل للشارع قبل انقضاء أجل الطعون ؟ ومن هو صديق “فلام” ومن هو خصمها ؟
أم أن للحركة أجندات تنتظر أول فرصة لتفعيل جهدها في بث الفرقة وتعريض البلاد للفوضى ومن ثم دعوة بعض القوى الكبرى لطرح الموضوع على مستوى مجلس الأمن واستصدار قرار بدخول قوات حفظ سلام تكون في غالبيتها فرنسية فتعيد احتلال البلاد وتطرد المشاكسين البيظان من المشهد ؟وهل تتوقعون موقعا لكم في خارطة ترسمها “فلام ” وترعاها وتحميها فرنسا يوم لا تعود “فلام” بحاجة لمن يمتص دونها الكدمات ؟ قد يكون ذلك كان ممكنا في الماضي أما اليوم وقد ضاقت إفريقيا ذرعا بفرنسا وانشغلت فرنسا في همومها وسقطت في أيدي اليمين المتطرف فلا أحسب عاقلا يمكنه أن يظن لحظة أن مثل هذا السيناريو قابل أن يكون لكن حركة “فلام” ترى أن موريتانيا ما بعد 66 تبقى الأسوأ من أي موريتانيا أخرى….فهل تتفقون معهم في هذه المقاربة العدمية !!!!
السيد النائب
حسنا أنكم تداركتم موقفكم من أحداث 2019 ولو أن ذلك جاء متأخرا بعد أن حصل الضرر والأذى بالممتلكات والناس والتراجع عن الخطإ فضيلة في كل الأحوال لكن التحريض لا ينتهي أثره بتداركه بصريح أو تلميح فمن غرر به التحريض لن يرده موقف مخالف فقد راح يجول و يخوض بطشا وعنفا ثم إن الاعتذار يكون مفيدا حين لا يتكرر أما أن تتدارك موقفا بالأمس فتعود إليه اليوم فذلك يقال له شيئ آخر…..
تخطئون التقدير كثيرا إن ظننتم أنكم ستفوزون برئاسة بلدكم يوما بهذا الخطاب وهذه المقاربة فلن يكون لهذه البلاد رئيس يعادي مكونا من مكونات شعبها ولم يسجل التاريخ يوما أن خطابا شرائحيا نال تزكية من غالبية سكان بلد…..
لا وطن لي ولا لك ولا لنا جميعا غير هذه الأرض فيها منبتنا ومحيانا ومماتنا ولا بديل عنها فإن احترقت احترقت على الجميع وإن أمنت عم الجميع أمنها وأمانها……
حفظ الله موريتانيا.