نشأة الدولة الموريتانية التحديات والإكراهات / الدكتور محمد ولد الراظي عضو قيادة حزب الإصلاح
الدولة ككيان جامع لا تستقيم بوجود كيانات ثانوية ولا بعناوين فرعية مهما كانت تلك الكيانات والعناوين ومهما كانت درجة التعبير عنها والتماهي معها…..
لم تقم في هذه البلاد دولة مركزية قوية قبل المرابطين ولم يقبل المرابطون بتعدد العناوين بل بنوا دولة مركزية امتدت بسرعة البرق لتشمل أراضي شاسعة وأقواما كثرا وشعت وأزهرت -رغم عمرها القصير- في عموم الشمال الإفريقي وشبه الجزيرة الإيبيرية.
ولم تقم بعدهم دولة مركزية كمثلهم في القوة ولا في الجغرافيا إلي أن قامت الدولة الوطنية الحديثة.
وبعد سقوط المرابطين بقرون عديدة وقبل قيام الدولة الموريتانية كانت هناك إمارات في جميع مناطق البلاد لكل منها قوة وسلطان في حيز جغرافي معلوم.
وبعيد الإستقلال كانت البلاد علي موعد مع ميلاد دولة مركزية بحلة جديدة جامعة ومانعة.
واجهت السلطة الجديدة إكراها كبيرا جعلها تستكنه الطريق الأمثل للتوفيق بين واقع مجتمعي قائم بعناوينه الأميرية والجهوية والقبلية وواقع وطني ينبغي أن يقوم وتذوب فيه كل تلك العناوين…أو علي الأقل أن لا يكون الأول معيقا للثاني.
أمام هذه الوضعية أقر المرحوم المختار ولد داداه خطة متعددة الأبعاد ولها نفس طويل تقضي بالإبقاء علي الوضع الأميري كما كان ولكن دون توريث….
وحين كان التقسيم الإداري أقر ترقيم الولايات بدل تسميتها بأسمائها الأولي التي تحيل لبنيات قبلية ومجتمعية لا يخدم بقاؤها في الأذهان قيام الدولة الوطنية وترسيخ مفهومها في اللاشعور الجمعي…
ثم كان يقيل أي مسؤول عمومي شارك في لقاء قبلي أو عشائري مهما كانت طبيعته.
صحيح أن الدولة ساعتها كانت تقدم للمواطن ما كان يحصل عليه- بل أكثر- من الإمارة والعشيرة والأقربين مما سهل عليه القبول بالوضع الجديد إن لم يكن الترحيب به.
ولكن استقالة الدولة التي بدأت منذ سقوط التجربة المدنية ونموذجها عام 78 لا يبرر أبدا القبول بانتشار الحس القبلي والعشائري في مطلع الألفية الثالثة….
لقد بدأ بعضنا يطالب بانفصال الشمال وقبله طالب البعض بانفصال الجنوب وقد رفعت ذات يوم أعلام دول مجاورة في بعض مناطقنا الحدودية معها…….والمشاريع تبدأ حسا بسيطا ثم يكون فكرة فيكون التعبير عنها ويلتف حولها جمع فتنتشر وتترسخ وحين تصبح ناضجة لتكون فعلا …..تكون
والمحافظة علي كيان قائم أسهل بكثير من لململة شظاياه حين ينفرط عقده.