المنسقية الجهوية لحزب الاصلاح بولاية لعصابة تنظم تظاهرة جماهيرية حول الهجرة والحوار
٨
نظمت المنسقية الجهوية لحزب الإصلاح على مستوى ولاية لعصابه، مساء اليوم الأحد بدار الشباب الجديدة في مدينة كيفه، تظاهرة سياسية تحت شعار” أحداث اللحظة: الهجرة والحوار محور وارتكاز “.
وتأتي هذه التظاهرة في إطار مواكبة الحزب لجهود الحكومة وسعيا لتعزيز النقاش العمومي حول القضايا الوطنية الراهنة.
وفي كلمة له بالمناسبة، قال منسق الحزب على مستوى ولاية لعصابه، الدكتور احمد ولد محمد الحاج، إن الهجرة غير النظامية تمثل تحديا مركبا، يتقاطع فيه الأمن بالاقتصاد،هذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم السيدات والسادة من منخبين وهيئات مجتمع مدني واحزاب سياسية ونقابيين وإعلاميين ووجهاء وفاعلين سياسيين واجتماعيين.
السيدات والسادة مناضلوا ومناضلات حزب الإصلاح.
ايها الحضور الكرام،
نلتقي اليوم معكم في هذه اللحظة المفصلية من تاريخ وطننا العزيز، ونحن في حزب الإصلاح نؤمن أن القضايا الكبرى ـ كالهجرة، والحوار الوطني، والتنمية ـ لا تعالج إلا بوعي تاريخي، ونقاش مسؤول، ورؤية سياسية متزنة، تستحضر تحديات الحاضر وتستلهم دروس الماضي وتستشرف المستقبل الزاهر.
إن قضية الهجرة غير النظامية تشكل تحديًا مركبًا، يتقاطع فيه الأمن بالاقتصاد، ويتداخل فيه الاجتماعي بالثقافي والديني، ومعالجته تقتضي حماية السيادة الوطنية دون أن تُغفل كرامة الإنسان وحقوقه، واستحضار البعد التاريخي الذي وحّد شعوب هذه المنطقة قبل أن تفصلها الحدود المصطنعة بسياسة الاستعمار.
*أيها السيدات والسادة*
لقد علّمنا التاريخ أن جغرافية موريتانيا رغم وعورة بعضها، لم تكن عائقا بين شمال إفريقيا وغربها، بل كانت جسرا للتكامل الحضاري، والعلاقات الإنسانية والإنصاف السياسي.
وهذه العلاقات نلمسها بشكل واضح حين نقرأ أحداث الماضي عندما استنجد نعرين ملك ماسنة الفلاني بالملك يروتاني بن وينسون بن نزار الصنهاجي في النصف الثاني من القرن الرابع هجري العاشر ميلادي، حيث لم يتردد ملك اودغاست في الاستجابة لاستغاثة ملك ماسنة، وهو ما مهّد لاعتناق ملك التكرور الفلاني ورجابي بن رابيس للإسلام، في أول لحظة تلاقٍ عميق بين الإسلام ومجتمعات غرب إفريقيا منذ اصبح دين الصنهاحيين.
كما نلمسها حين قاتل ملك التكرور أبي بن ورجابي إلى جانب أمراء المرابطين ضد الخارجين على الإسلام من جهة والخارجين على مذهب أهل السنة من جهة اخرى في السوس والمغرب الأقصى، إذ لم تكن تلك المعركة مجرد تحالف عسكري، بل جسدت لوحدة القيم والمصير.
وفي مناسبات لاحقة، ظهرت مواقف تؤكد عمق هذا التلاحم، كتعبير بن بطوطة في القرن الثامن هجري الرابع عشر ميلادي عن وجود كبراء مسوفة خلف ملك مالي منسى سليمان، ووجود علماء البيضان كأئمة وقضاة ومستشارين لحكام السنغاي خلال حكم الأساكي.
ونقرأ في تاريخ السودان لعبد الرحمن السعدي موقفا نبيلا لأحد رجالات الحراطين حين قام محمود بن زرقون القائد العسكري للحملة السعدية على تنبكت بقتل عشرات علماء البيضان وسوننكى والفلان حيث قام هذا النبيل بفتح داره وجعلها مدفنا لهؤلاء العلماء وغادر المدينة رفضا للعيش في بلد ظلم فيه إخوته.
ويلاحظ هذا الانسجام في العلاقة الوطيدة بين أولاد امبارك وإدوعيش واهل سيد محمود ولقلال وأهل الطالب المختار واهلةبوردة مع ومكونات الجنوب، والتي لازالت محفوظة في الذاكرة الثقافية والموسيقية، ومثلها زواج الأمير التروزي محمد لحبيب من الأميرة الولفية جمبت اميرة والو، الذي أرجأ دخول الاستعمار الفرنسي إلى بلادنا وسيطرته على المنطقة لعقود.
كما يتضح من خلال الهبة التي حركت المجتمع لمناصرة أحمدو ولد حرمة عندما قدم نفسه مرشحا لتمثيل موريتانيا في الجمعية العامة الفرنسية ضد المستوطن الفرنسي إفون رازاك.
وقد ضرب أبناء مدينة كيفه خير مثال على تأكيد شعور الموريتانيين بمسؤوليتهم تجاه مجتمعات المنطقة حين شارك العديد من ابناء المدينة نذكر منهم على سبيل المثال عبد الله ولد الصيام ومحمد محمود ولد محمد الشيخ وسيد ولد كديه الذي شرفنا بالحضور لهذه المناسبة مشكورا.
إن كل هذه الشواهد تؤكد أن وطننا ومنطقتنا بُنيت العلاقة فيهما على التشارك لا الصراع، وعلى الوحدة لا الانقسام، وعلى المشترك لا الفئوي، وهو ما يجب أن يُشكل مرجعية سياسية في خطابنا الوطني والإقليمي.
*أيها السيدات والسادة* ،
إن الحوار الوطني المرتقب ينبغي أن يكون فرصة حقيقية للتلاقي، لا مجالًا للاستقطاب، وأن يضع في أولوياته قضايا التعليم، الصحة، العدالة الاجتماعية، ومحاربة الفساد والتمييز، كسبيل إلى تنمية مستدامة وشاملة تنسجم مع برنامج فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
أما اللغة، فلا ينبغي أن نظر إليها كأداة تواصل فحسب، بل أحد أعمدة الهوية الجامعة. فاللغة العربية، التي توحدنا في عقيدتنا وديننا، يجب أن تبقى لغة رسمية للدولة، دون أن يحول ذلك دون الاعتزاز بلغاتنا الوطنية وتطويرها في إطار يضمن التفاهم والاندماج، لا التعارض والانقسام.
*أيها الحضور الكريم،*
إننا في حزب الإصلاح ندعو من هذا المنبر إلى مساندة جهود الحكومة في كل ما من شأنه أن يمس بأمن واستقرار البلد، سواء كان هجرة غير نظامية أو عمل إجراميا منظما،كم ندعو إلى المشاركة الفعالة والإيجابية في الحوار لتوطيد الخطاب العقلاني، الجامع، والمتزن، الذي يُعلو بمصلحة الوطن فوق كل اعتبار، ويجعل من التاريخ المشترك وقودًا لبناء حاضر أكثر عدالة، ومستقبل أكثر إشراقًا.
وإننا لنمد أيدينا إلى كافة القوى الوطنية، من أغلبية ومعارضة ومجتمع مدني، لبناء موريتانيا موحدة، عادلة، مزدهرة، وآمنة، تُصان فيها الكرامة، وتُرسخ فيها المواطنة، وتُفعل فيها الديمقراطية على أساس القيم لا المصالح الضيقة.
والسلام عليكم ورحمة الله.
الأحد 13ابريل2025 بدار الشباب الجديدة،