إختراع الشعب اليهودي! د. سلامة المصري

 

يقدم الكتاب مُراجعة شاملة للتاريخ اليهودي، ويدرس بشكل نقدي السّردية التاريخية اليهودية التقليدية عبر المراحل والتّيارات المُختلفة. وقد أثار شلومو ساند في كتابه هذا سلسلة من الأسئلة المحظورة في إسرائيل والتي تتحدى الأسس الأساسية للرواية التاريخية الصهيونية واليهودية. بعض هذه الأسئلة شملت:

 

  1. هل يمكن الحديث عن “شعب يهودي” وجد واستمر لآلاف السنين بينما اختفت شعوب أخرى ذات تعداد سكاني أكبر وحضارات أكثر عُمقاً وجذور أعمق في مناطق جغرافية محددة؟

 

  1. كيف ولماذا تحولت التوراة من قانون ديني إلى نص تاريخي يروي نشوء “الأمّة اليهودية”، خاصةً وأنّ تاريخ التوراة وتأليفها لا يزالان غير مؤكدين؟!

 

  1. هل حقاً واجه سكان “مملكة يهوذا” المنفى بعد “خراب الهيكل”، أم أنها مجرد أسطورة مسيحية تغلغلت لاحقاً في التقاليد اليهودية؟!!

 

  1. إذا لم يكن هناك منفى، فمن أين أتى اليهود من مُختلف أنحاء العالم؟ ما هي الوحدة الثقافية والعرقية والجينية، إن وجدت، التي توحّد اليهود من أماكن مثل مراكش وكييف؟ هل هناك حقا “جين يهودي” كما تدّعي الصهيونية؟!!

 

رداً على هذه الأسئلة، يقول شلومو ساند أنّ اليهود شكّلوا تاريخياً مجموعات دينية مهمة أسّست نفسها في أجزاء مُختلفة من العالم، ليست مقتصرة على أرض فلسطين. ومع ذلك، فإنهم لم يُشكّلوا مجموعة عرقية واحدة فريدة حافظت على هويتها من خلال النّزوح والنّفي عبر غرب آسيا، وشمال أفريقيا، وأوروبا الشرقية، ومناطق أخرى، بما في ذلك إسبانيا

 

ويُشير ساند أيضاً إلى أنّه في السبعينيات حدث تحوّل في مجال علم الآثار، مُتأثراً بالمدرسة الفرنسية للماديّة التّاريخية، التي أعطت أهمية أكبر للجوانب الإجتماعية للبحث التاريخي بدلاً من الجوانب السياسية. ووصل هذا التّحوّل إلى الجامعات الإسرائيلية، مما أدّى إلى كشف التّناقضات في الرّواية الرّسمية، وتحدّي ليس فقط لأساطير دولة إسرائيل، بل أيضاً للرّواية التاريخية اليهودية برُمَّتِها!

 

وعن الأدلة التاريخية والأثرية، أكَّد ساند أنّ الرواية الكتابية عن غزو كنعان وإبادة سكانها، كما ورد في سفر يشوع، هي أسطورة تامّة، فضحها علم الآثار. وبالمثل، فإن روايات الكتاب المقدس الأخرى، مثل عهدي الملك داود وسليمان، واجهت تحدياً من خلال الإكتشافات الأثرية، التي فشلت في إثبات وجود مملكتي يهودا والسامرة في فلسطين خلال القرن العاشر قبل الميلاد!!

 

وخلَصَ ساند إلى أنّ هذه الأساطير المركزية المُحيطة بشعب يهودي قديم واستثنائي خدمت بحماس صعود القومية اليهودية والمشروع الصهيوني، مما وفَّر مُبرراً لغزو واستعمار فلسطين. وأضاف أنّه بحلول نهاية القرن العشرين، بدأت الرّواية التاريخية الصهيونية في الإنهيار في إسرائيل نفسها وحول العالم، وتحوّلت إلى مجرد أساطير أدبية مُنفصلة عن التاريخ الفعلي!!!

 

باختصار، شكّل كتاب شلومو ساند تحدياً قاسياً أدّى للتّشكيك بالأسس التاريخية والأثرية للدولة العِبرية ولانهيار مزاعِم الحركة الصهيونية، وبيَّن أنها بُنِيَت على محض أساطير وافتراءات تاريخية، وقد أثار سُخطاً كبيراً بين يهود إسرائيل وجدلاً واسعاً في الأوساط الأكاديمية والسياسية في إسرائيل وخارجها وتم نقد ومهاجمة الكتاب والكاتب وتوجيه الإنتقادات اللاذعة له وارتفاع الأصوات المُتَطرِّفة مطالبةً بحظره وسحبه من الأسواق!!!