مساهمة في الجدل الدائر حول اللغة والهوية / الأستاذ محمد الكوري العربي: الأمين الدائم لحزب الإصلاح

الشعوب الواعية في العالم كله تفخر بلغاتها و تعتز بهوياتها الثقافية، فتدّرس أبناءها بلغتها و تتعلم من لغات العالم الفاعلة ما يوسع مداركها و يفتحها على تجارب الأمم و تتوصل به لنتائج العلوم و الابتكارات التكنلوجية في مختلف التقنيات…
و هكذا، فإن من يميت لغته لحساب لغات الآخرين يميت ذاته و يحولها منتوجا للآخر… و من ينغلق عن لغات العالم يميت مستقبله بحبسه في قوقعة بلا أكسجين. فاللغة الوطنية هي الرئة و اللغات العالميةالحية هي الأكسجين. فهل يعقل أن نتلف الرئة طلبا للأكسجين.. أم نمنع الأكسجين عن الرئة سعيا لنقاء الرئة !
قبل ثلاثة أيام، الأكاديمية الفرنسية تطارد ” مصطلحا” جرى استخدامه في نسق اللغة الفرنسية دون إجازته منها، من الأكاديمية ، فهل يجرؤ أحد أن يتهمها بالعنصرية و الشوفينية و التقصير و القصور و التخلف … و التخلف و التكلس و الجمود، و عير ذلك من الأوصاف المشينة التي يمطر بها طابور فرنسا من يدافعون عن لغتهم العربية !
إنهم يقبلون ذلك من فرنسا و يستحسنونه في مجالسهم الخاصة، و لكنهم يستقبحونه من أنفسهم إزاء لغتهم الوطنية !
أعرف أن الذين لا يستطيعون العمل بغير اللغة العربية يتضايقون من اللغة العربية حفظا لمصالحهم، و هذا مفهوم في بعده النفعي، و لكن ما ليس مقبولا هو توريثهم لأبنائهم بغض اللغة العربية و تعويقهم عن تعلمها ، جيلا بعد جيل !
إن المستعمر اللغوي كالمستعمر العسكري يتعاملون مع من يخونون أوطانهم، و لكنهم أبدا لا يقدرونهم ؛ فهم خونة و لا يستحقون غير هذا الوصف في سائر ثقافات و قيم الشعوب…