قانون حماية الرموز الوطنية صيانة للحريات وضبط لاستخدام وسائل الاتصال
أبرزت مصادقة الجمعية الوطنية مؤخرا على مشروع القانون المتعلق بحماية الرموز الوطنية وتجريم المساس بهيبة الدولة وشرف المواطن، أهمية وجود إطار قانوني يضع حدا للاستخدام السيئ لمنصات التواصل الاجتماعي، دون المساس بالحريات التي يكفلها الدستور والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها بلادنا.
ويرى المتتبعون لما ينشر في هذا الفضاء أنه من الضروري اعتماد مشروع القانون الحالي الذي جاء متأخرا في نظرهم، لمكافحة كل ما من شأنه التأثير على وحدة الشعب وهيبة وسيادة الدولة التي تعكسها رموزها المرجعية، وذلك بعد ما تمت ملاحظة أن هذا الفضاء يتم استغلاله في بعض الأحيان بطريقة لا تتماشى مع قيم مجتمعنا الإسلامية الحميدة، ولا مع متطلبات تعزيز وتقوية الروابط المجتمعية بين مختلف طبقات المجتمع الموريتاني الذي يعتز بتنوعه العرقي والثقافي الذي يعتبر مصدر قوة لبلادنا.
ويستنتج المتمعن في مقتضيات بنود مشروع القانون، أنه أتى في وقت مناسب لسد الثغرات التي تم رصدها في منظومتنا الجنائية ومن أجل تمكين الممارسين من قضاة ومحققين من آليات قانونية واضحة لفرض سيادة القانون واحترام قيم الجمهورية، وذلك من خلال تحديد الأفعال التي تشكل اعتداء على الرموز الوطنية والمساس بهيبة الدولة، وكذا العقوبات المناسبة لمواجهة ظاهرة الاعتداء على ثوابت المجتمع ونشر الكراهية بين فئاته.
وسعت الحكومة بعد تقديمها لمشروع القانون المذكور، إلى أن يكون مشروعا توافقيا تتبناه مختلف الفرق البرلمانية، حيث كانت الحكومة منفتحة ووافقت على كل مقترحات التعديل التي أدخلتها لجنة العدل والداخلية والدفاع على مشروع القانون أثناء دراستها له، مما جعله مشروع قانون مشترك بين الحكومة التي قدمته والسلطة التشريعية التي اعتمدته.
ويتكون مشروع القانون من ثمانية مواد تحدد هدفه المتمثل في تجريم ومعاقبة الأفعال المرتكبة عن قصد باستخدام تقنيات الإعلام والاتصال الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، المرتبطة بالمساس بثوابت ومقدسات الدين الإسلامي، وبهيبة الدولة ورموزها، وبالأمن الوطني والسلم الأهلي، واللحمة الاجتماعية، والحياة الشخصية، وشرف المواطن.
وتوضح مواد مشروع القانون بالتفصيل مختلف العقوبات المترتبة على ارتكاب المخالفات المحددة فيه.
فقد نصت المادة الأولى من مشروع القانون على أنه يهدف دون الإخلال بالأحكام المنصوص عليها في القوانين الأخرى، إلى تجريم ومعاقبة الأفعال المرتكبة عن قصد باستخدام تقنيات الإعلام والاتصال الرقمي ومنصات التواصل المرتبطة بالمساس بهيبة الدولة وبرموزها وبالأمن الوطني والسلم الأهلي واللحمة الاجتماعية والحياة الشخصية وشرف المواطن.
واعتبرت المادة الثانية أنه يعد مساسا بهيبة الدولة ورموزها، القيام عن قصد عبر استخدام تقنيات ووسائل الإعلام والاتصال الرقمي، ومنصات التواصل الاجتماعي بالمساس بثوابت، ومقدسات الدين الإسلامي، وبالوحدة الوطنية والحوزة الترابية أو بازدراء أو إهانة العلم أو النشيد الوطنيين.
ونصت هذه المادة على أن مرتكب هذه الأفعال يعاقب دون المساس بالعقوبات الأشد المقررة في قوانين أخرى بالحبس من سنتين إلى أربع سنوات، وبغرامة مالية من 200 ألف أوقية إلى 500 ألف أوقية.
وركزت مقتضيات المادة الثالثة على أنه يشكل مساسا متعمدا بالحياة الشخصية، كل تسجيل بالصوت أو بالصورة عن قصد دون علم الأشخاص المعنيين، وكذلك نشره وتوزيعه بأي وسيلة وعلى أي دعامة أو منصة رقمية بغية إلحاق الضرر بهؤلاء الأشخاص أو بشرفهم.
كما يعتبر مساسا متعمدا بالحياة الشخصية، كل تجريح أو إهانة أو سب لشخص رئيس الجمهورية أو لأي مسؤول عمومي يتجاوز أفعاله وقراراته التسييرية إلى ذاته وحياته الشخصية، أو إفشاء سر شخصي دون إذن صريح من المعني، وكل إنتاج أو نشر أو توزيع لقذف أو تجريح أو سب أو نسبة وقائع غير صحيحة إلى شخص.
ويعاقب على ارتكاب هذه الأفعال بالحبس من سنة إلى سنتين وبغرامة من ثمانين ألف (80000) أوقية إلى مائتي ألف(200000) أوقية.
وأشارت المادة الرابعة، إلى أنه يعد مساسا بالسلم الأهلي واللحمة الاجتماعية، كل توزيع باستخدام تقنيات ووسائل الاتصال الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي لمواد صوتية أو نصية أو مصورة، تتضمن قذفا أو تجريحا أو سبا موجها لجهة من جهات الوطن أو مكون من مكونات الشعب أو تبث الكراهية بين هذه المكونات أو تحرض بعضها على بعض.
وأشارت مقتضيات المادة إلى أن مرتكب هذه الأفعال يعاقب دون المساس بالعقوبات الأشد المقررة في قوانين أخرى بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من 200 ألف أوقية إلى 400 ألف أوقية.
ونصت مضامين المادة 5 من مشروع القانون إلى أنه يعتبر مساسا بالأمن الوطني كل نشر أو توزيع، لمواد نصية أو صوتية أو مصورة عبر استخدام تقنيات ووسائل الإعلام والاتصال الرقمي، ومنصات التواصل الاجتماعي تستهدف النيل من الروح المعنوية لأفراد القوات المسلحة، أو زعزعة ولائهم للجمهورية.
ويعاقب على ارتكاب هذه الوقائع بالحبس من سنة (1) إلى ثلاث (3) سنوات، وبغرامة من مائتي ألف (200000) أوقية إلى أربعمائة ألف (400000) أوقية.
ويعتبر كذلك مساسا بالأمن الوطني، تصوير ونشر وتوزيع صور أفراد أو تشكيلات القوات المسلحة، أثناء أداء مهامها، دون إذن صريح من القيادة المسؤولة، ويعاقب ارتكاب ذلك بالحبس من سنة (1) إلى سنتين(2) وبغرامة من مائة ألف (100000) أوقية إلى مائة وخمسين ألف (150000) أوقية.
ولا تطبق أحكام الفقرة السابقة إذا كانت الصور تم أخذها أثناء الاستعراضات العامة، أو الصور المنشورة على المنصات والنوافذ الرقمية الرسمية للأجهزة العسكرية والأمنية.
ونصت المادة 6 على أنه في حالة العود، فإن العقوبات المنصوص عليها ترفع إلى الضعف، أما المادة 7 فقد نصت على أن النيابة العامة تمارس الدعوى العمومية من أجل متابعة الأفعال المنصوص عليها في هذا القانون بشكل تلقائي، كما يمكنها ممارستها بناء على شكاية من المتضرر.
وقد نصت المادة 8 والأخيرة على إلغاء كافة الأحكام السابقة المخالفة لهذا القانون.
لقد جاء مشروع القانون ليشكل خطوة هامة أخرى على طريق استكمال المنظومة القانونية الوطنية حتى تغطي مختلف جوانب الحياة، وهو ما يعزز جهود بناء دولة القانون والمؤسسات في جو التشاور وتهدئة الحياة السياسية الذي أرسى معالمه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني