كتب الخبير المحاسبي والفاعل السياسي السيد سيدي ولد إبراهيم ولد إبراهيم

كلمة فخامة الرئيس في منتدى موريتانيا ـ إسبانيا: رؤية طموحة ومسؤوليات دقيقة

في المشهد السياسي، نادرًا ما نجد هذا القدر من الوضوح في التوجيه، والصرامة في تحميل المسؤوليات، والجرأة في منح الثقة، كما جاء في كلمة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، خلال منتدى الأعمال الموريتاني الإسباني الأخير.

لم يكن مجرد خطاب بروتوكولي في مناسبة اقتصادية، بل شكل وثيقة سياسية ـ اقتصادية متكاملة، أعادت تعريف علاقة الدولة بالقطاع الخاص، واضعة إياه أمام امتحان الفرصة والمسؤولية.

الرئيس، وبصوت القائد الواعي بمآلات قراراته، قدّم عرضًا غير مسبوق: مناخ استقرار، رؤية استراتيجية منفتحة، شراكات دولية جاهزة، والتزام مباشر من أعلى سلطة في البلاد بمواكبة المستثمرين وتسهيل مساراتهم.

حين يقول فخامته: “الإطار العام ملائم، والإرادة السياسية متوفرة، وتحظون بدعمنا الكامل”، فهو لا يصف واقعًا إيجابيًا وحسب، بل يرسم خريطة طريق، ويرفع سقف التوقعات، ويوجّه نداءً صريحًا إلى القطاع الخاص كي يرتقي لمستوى اللحظة.

لقد فُتحت الأبواب، وأُعطيت الإشارة، ومنحت الثقة. والمطلوب اليوم من الفاعلين الاقتصاديين في الداخل أن يتحركوا لا أن يترقبوا، أن يبتكروا لا أن ينتظروا، وأن يدخلوا ساحة الشراكة من بوابتها الواسعة لا من نوافذ المصالح الضيقة.

ومن موقعي كأحد الداعمين لهذا التوجه الوطني، أرى أن دعوة الرئيس للقطاع الخاص لم تأتِ من فراغ، بل جاءت ضمن مسار تحوّل تنموي تقوده موريتانيا بثقة، وهي دعوة لا تحتمل التأجيل ولا التسويف، لأنها تعكس إرادة رئيسٍ لا يكتفي بتوصيف الواقع، بل يرسم طريق تجاوزه.

لقد فتح فخامة الرئيس من خلال هذا المنتدى نافذة استثمارية تاريخية، ودعا إلى تسريع إطلاق المشاريع المشتركة، مستثمرًا المناخ السياسي الإيجابي، والرغبة المشتركة بين موريتانيا وإسبانيا في توسيع آفاق التعاون.

وتبقى المسؤولية اليوم على عاتق الفاعلين الاقتصاديين: أن يلتقطوا الإشارة، ويتفاعلوا مع وضوح القيادة بحزم وجرأة، دون تردد أو تبرير.

أما الجهاز الإداري، وقد أشار إليه الرئيس ضمنًا بقوله: “تسهيل الإجراءات ورفع أي عراقيل أو تعقيدات إدارية قد تعترض طريق الفاعلين”، فالمطلوب منه أن يكون ميسّرًا لا معطّلًا، مرافقًا لا مثقِلًا، فلا يُعقل أن تتأخر الإدارة عن تنفيذ رؤيةٍ تعهّدت بها الدولة، أمام شركاء دوليين وفي ظرف تنموي بالغ الأهمية.

لقد فتح فخامة الرئيس الطريق، والمسؤولية الآن على من دُعوا إلى هذه اللحظة… فهل يستكملون الخطوات؟