مشكلة الرق ومخلفاته..علاج مسألة لحراطين / الترادبن سيدي
إن لمجتمعنا قضايا عديدة يشكل التغلب عليها ضرورة ولعل مشكلة الرق ومخلفاته أهم تلك القضايا باعتبارها قضية وجودية يتوقف بقاؤنا وسلامة وطننا
على حلها وتجاوزها فلا يمكن تصور استمرارنا في أمن وطمئنينة واستقرار ما لم نقضي على بقايا الرق و مظاهر الفقر والتهميش والدونية التي يعيشها هذا المكون الكبير مكون لحراطين وما يلتحق بهم من أبناء الأرقاء قريب أو بعيد العهد بالاسترقاق إن
كل تلك الفئات وإن اختلفت في مستوى المعيشة وظروف الحياة من مختلف جوانبها تتفق في مستوى من الدونية تخضع له وتعامل به من إخوتها في المكون الذي تشترك معه في الانتماء للقبيلة وللدين وكل شيء إلا الاعتبار والقيمة الإجتماعية – وربما بعض الإمتيازات – إن عدم إمكان التزاوج بين لحراطين ومن كانوا سادتهم من المجتمع العربي واعتبارهم غير أكفاء وهم في الحقيقة أكثر كفاءة وأهلية لمواجهة الحياة ومتطلباتها خلق حاجزا سميكا بين الفئتين وإن تعامل السادة القديمين مع من كانوا مسترقين بوصفهم دونهم مكانة وجعل الكثير من الأعمال خاصة بهم كأرقاء سابقين و شيوع ترفع السادة عن ممارسة تلك الأعمال رسخ اختلاف المستوى بين الفئتين كما أن التفاوت في المستوى المعاشي داخل القبائل وفي ملكية الأراضي وخصوصا الزراعية ووجود الفقر أكثر وأشد في هذا المكون كلها أمور تفاقم التفاوت والفوارق وتقتضي المصلحة علاجها و بذل المستطاع لتجاوزها فليس يمكن ان نطمئن في وضع يعيش فيه جزء كبير من المواطنين في ظلم واضح جلي في كل شيء في كرامته أولا حيث يفرض على لحراطين أن يسلموا بدونيتهم! أيمكن أن نتوقع أن يقبل بعضنا أنه ناقص القيمة الإنسانية ولايستطيع التعامل مع أخيه في الوطن إلا كتابع وكحقير لا يستحق إلا أدنى الأعمال والحرف ؟أيمكن أن نعيش في مجتمع لا يستوي في كل شيء؟لنستوى في الحياة الاجتماعية في فرص الحياة كلها ونعمل معا في كل شيء ويستوي في ظروف الحياة وفرصها وفي القيمة الإنسانية و مرتباتها بما فيها الأهلية الكاملة.
إن الوقت حان لنواجه مسألة مخلفات الرق وواقع لحراطين بوضوح وشمولية وجدية إن الدولة حتى الآن لم تعلن أن المساواة بين المواطنين واجب وضرورة حياتية. ولم تطلب من العلماء والخطباء في المساجد ومن الوجهاء ورموز المجتمع بذل ما يستطيعون التأثير على عقلية المجتمع. إننا نعايش عدم المساواة بشيء من قبول الأمر الشيء الذي فرض على الباحثين عن الحرية والمساواة عمل كل شيء ولو أدى إلى بث الفرقة لأن قبول الوضع الحالي غير ممكن. إذا أردنا أن ينمو مجتمعنا في سلم وهدوء يجب اجتثاث هذه التراتبية المقيتة وزرع الأخوة والمساواة فلم يبقى ممكنا لأي أحد أن يُمني نفسه بسيطرة مجموعة على مجموعة في ظروف من الاستقرار والهدوء فلن يمكن الاستقرار والطمأنينة والهدوء إلا مع المساواة والتساوي في الفرص كل الفرص.
ولأن هذا المكون مكون لحراطين كان يعيش تخلفا وفقرا زائدان وتهميش كذلك زائدا فإن مستوى من العناية الخاصة به ضروري زمنا معينا حقبة من الزمن يتم فيها دمجه في نسق التعليم والوظائف و قطاعات الاقتصاد والزراعة .
فالمسألة تتطلب علاج مختلف الجوانب وعلى رأس كل الجوانب استعادة قيمة هذا المكون الأكثر إنتاجية و الأكثر فائدة لوضعه في المستوى المعنوي في المكان الذي يشعره بالمساواة الكاملة مع باقي إخوته في المكون العربي. وهذا كما أوضحنا يتطلب عملنا جميعا واشتراكنا في عمل تقوده الدولة وجميع إعلامها وقوتها وتأثيرها..
لقد أصبحنا ننتظر أسلوبا في العمل وتوجها في السياسة وشمولية في النظرة ننجز عملا مفيدا يشكل الخطوة الأولى في طريق الألف ميل في علاج كامل المرض الذي يهدد كياننا ويطرح أكبر تساؤل حول مستقبلنا الذي لن يكون إلا ماأردنا فلنعمل يدا بيد لنؤمن هذا المستقبل مستلهمين من نص التنزيل : 《وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون》 صدق الله العظيم.