هكذا سينقذ تحليل البيانات الضخمة موريتانيا من تفشي فيروس كورونا / أحمد المختار ولد أعبيدي
في هذه المقالة العلمية سنركز على شرح نتائج وتعبير عن آراء علماء وحكومات وبشكل موضوعي، سنلخص لمواضيع مهمة تدخل في نطاق كيفية تحليل البيانات الضخمة للموريتانيين و للمقيمين على التراب الوطني بهدف إنقاذ البلد من تفشي فيروس كورونا.
أشكر جزيل الشكر الأخ المهندس أحمد شينان محمد اعبيد على مقترحه الموجه للجان الأزمة الحالية بخصوص إنتشار فيروس كورونا، حيث كان من أوائل من كتب عن موضوع الساعة و كيف تستفيد البلاد من المعلومات المتواجدة في قواعد المعلومات في البلد ومن المعلومات التي يجب البدأ في جمعها و فلترتها و تحيينها حتى تحصل الفائدة منها بعد تحليلها.
أولا وقبل كل شيء يجب أن نوضح أنه في مجال تحليل البيانات ليس من الضروري النظر إلى هوية الأفراد، ولكن أن تكون النظرة بشكل عام، إلى السكان حتى نلاحظ مدى فعالية تدخلات الصحة العامة.
على سبيل المثال، يمكن استخدام البيانات الضخمة لمعرفة ما إذا كان الناس يلتزمون بالتوجيهات المتعلقة بالعزل الذاتي.
منذ بداية انتشار فيروس كورونا أدركت الكثير من الدول أن إغلاق الحدود وإيقاف الطيران ليس كافيا، واعتمدت سياستها في مواجهة فيروس كورونا على 124 إجراء مختلف فصلها مقال نشر في “مجلة الجمعية الطبية الأمريكية”. وشملت الاستجابة المبكرة إضافة لقرار بمنع تصدير كمامات الوجه، لضمان توافرها في السوق المحلية بأسعار ميسورة.
كيف ستساعد البيانات الضخمة الحكومة الموريتانية على تتبع فيروس كورونا؟
أولا : شركات الاتصال
تتوفر شركات الاتصال في موريتانيا على مجموعة كبيرة من البيانات حول المواطنين في جميع أنحاء البلاد، حيث يمكن استخدامها في بناء أدوات تُمكن بسهولة من تعقب الأشخاص الذين سافروا في الفترة الأخيرة من وإلى مدن وأماكن معينة ظهر أو من المرجح ظهور الفيروس فيها.
لهذا السبب يمكن لأي شخص يحتاج إلى إثبات أنه سليم، أن يطلب بيانات موقعه الحالي وتحركاته السابقة من شركة الاتصالات الخاصة به من خلال التواصل مع أي من شركات الاتصالات الثلاث الموجودة في موريتانيا.
و بالمقابل يجب أن يحصل على تقرير واضح يعرض قائمة بالمدن والمقاطعات التي زارها خلال 14 يومًا الماضية.
وبالتالي يمكن للمواطن تقديم هذه البيانات لأي جهة تثبت أنه لا يشكل تهديدا أو مشتبها بإصابته بالفيروس.
ثانيا: قواعد بيانات الحالة المدنية والسجل الاجتماعي وربما اللجنة المستقلة للانتخابات من أجل تحديث المعلومات الخاصة بالأفراد وتحديد الحالة و الوضعية الديمغرافية لكل مناطق البلد بشكل متناهي الدقة.
ثالثا: التطبيقات الحكومية:
هنا يجب أن نستفيد من طريقة عمل دولة الصين فبالتزامن مع انتشار فيروس كورونا أطلقت شركة مملوكة للدولة تطبيقًا بالتعاون مع العديد من المؤسسات الصينية مثل: مجلس الدولة واللجنة الوطنية للصحة، ووزارة النقل والسكك الحديدية، وهيئة الطيران الصينية.
مبدأ عمل التطبيق هو أن أي مواطن يمكنه التسجيل باستخدام رقم الهاتف، ومن ثم عليه إدخال اسمه ورقم بطاقة الهوية.
وستُطابق بياناته مع قاعدة البيانات الكبيرة لدى السلطات العامة لمساعدة الناس على معرفة ما إذا كانوا على اتصال وثيق مع أي شخص مصاب بالفيروس خلال الأسبوعين الأخيرين.
وتستمد البيانات بشكل أساسي من قاعدة بيانات مؤسسة السكك الحديدية الصينية التي لديها سجلات من البيانات الضخمة عن المواطنين.
وفي أجواء محملة بالشكوك، قام عملاقا الإنترنت “علي بابا” و”تنسنت” بتصميم تطبيقات للهواتف المحمولة يبلغ من خلالها الصينيون السلطات عن مستوى الخطر المفترض.
ويمكنهم استخدام التطبيقات لحصول هواتفهم على رمز الاستجابة السريعة (QR) الذي يعتمد لونه على زيارتهم أو عدم زيارتهم أماكن مصنفة على أنها تمثل تهديداً للصحة العامة: الأخضر (لا تُفرض قيود)، الأصفر (الحجر الصحي لمدة 7 أيام) أو الأحمر (الحجر الصحي لمدة 14 يومًا).
أصبح الحصول على رمز الاستجابة السريعة الذي يعتمد على تحليل تنقلات المستخدم إلزاميًا تقريبًا في العديد من المدن الصينية من أجل الخروج من محطات القطار أو استخدام وسائل النقل العام.
هنا يجب التأكيد على أن سهولة توافر وتحليل البيانات الضخمة مكنت دول كبيرة وصغيرة ومتوسطة ديمغرافيا من تحديد الوضع و اتخاذ القرارات و المبادرة بشأن كل ما يتعلق بالجوانب ذات الصلة بمحاربة الوباء الحالي، فلا تمتلك العديد من الدول منصة بيانات رقمية مفصلة مماثلة أو براعة تقنية ولوجيستية كافية تسمح بتنظيم جهودها وتركيزها لترشيد الجهد و الوقت.
كمثال لعمل هذه المنصات التي تعتمد تحليل البيانات الضخمة نأخذ كمثل عندما تظهر نتيجة تحليل إيجابية لأحد الأشخاص بشأن إصابته بفيروس كورونا، ترسل معلومات إلى جميع الأشخاص في المناطق القريبة بتفاصيل تحركات الشخص المصاب وأنشطته وتتبع خط سيره خلال الأسبوعين السابقين من خلال إرسال إشعارات على الهاتف النقال وتتلقى إدارات الخدمات الصحية الحكومية معلومات عن جهات اتصال الشخص المصاب، مما يُسهّل عملية تتبع مَن التقى بهم خلال تلك الفترة، واخضاعهم للملاحظة والفحوصات الطبية.
في حال غادر أحد السكان منطقة ما ترتفع فيها معدلات انتقال عدوى وسافر إلى منطقة أخرى من البلاد، يمكننا أن نرى ما إذا كان سيلتزم بالنصيحة المتعلقة بالبقاء في المنزل طيلة الأيام الأربعة عشر القادمة.
نعتقد أن هذه فرصة لنا في موريتانيا للبدء في التفكير بجدية في كيفية مساهمة تحليل البيانات في تحسين الممارسات المتعلقة بمجال الصحة العامة، فمثلا نحن نعرف أن الشركات الكبرى على غرار غوغل وفيسبوك تقوم بالفعل بتعقبنا، حيث تعرف غوغل وجهتنا المقبلة، لذلك نقول بإمكانية إستخدام هذه التكنولوجيا في هذه الفترة وفي هذا الوقت لاحتواء الفيروس، فنحن نحتاج حقًا للتفكير في إرشادات لاستخدام هذه التكنولوجيا في أزمة الصحة العامة.
ولنضع السؤال الأكبر أمامنا جميعا، كيف ساعدت البيانات الضخمة الصين على مراقبة انتشار فيروس كورونا؟
حفظنا الله وإياكم.
أحمد المختار ولد أعبيدي.خبير في تكنولوجيا المعلومات.