انتهاك حقوق الأفارقة في أوروبا ؛ مأساة في البحر والبر / بقلم : عبد الله ولد بونا/خبير استراتيجي

 

4شتمبر2025

المنظمات الحقوقية الإفريقية ، تركز على كل شيء ، إلا ما يمارس في أوروبا ضد السود الأفارقة!

فعلى امتداد السنوات الخمس الأخيرة، تصاعدت معاناة المهاجرين السود في أوروبا بشكل ينذر بالخطر.

فمن البحر إلى الشاطئ، ومن الشارع إلى مراكز الاحتجاز، يواجه هؤلاء سلسلة متصلة من الانتهاكات التي تتراوح بين الغرق المتكرر في عرض البحر، أمام أعين الزوارق والسفن الأوروبية ، دون نجدة أو أي اهتمام من خفر السواحل وقوة مكافحة الهجرة إلى أوروبا، والاعتداءات العنيفة على اليابسة، مروراً بسياسات قانونية تزيد الخناق عليهم بدل أن تمنحهم الحماية.

البحر كمسرح للموت

منذ عام 2020 حتى نهاية 2024، سُجِّل أكثر من خمسة عشر ألف ضحية بين قتيل ومفقود في الطرق البحرية المؤدية إلى أوروبا، غالبيتهم من الأفارقة القادمين من دول جنوب الصحراء.

الطريق المركزي عبر ليبيا وتونس نحو إيطاليا كان الأكثر فتكاً، إذ ابتلع آلاف الأرواح سنوياً في حوادث غرق أو “عمليات دفع” للقوارب بعيداً عن السواحل الأوروبية.

وفي كثير من الحالات، لم يكن الغرق نتيجة ضعف القارب فحسب، بل نتيجة مباشرة لتدخلات بحرية هدفت إلى منع الوصول، ما جعل النجاة شبه مستحيلة.
وهذه جريمة تمارسها قوى أوروبية رسمية في وضح النهار!

أما الطريق الأطلسي نحو جزر الكناري الإسبانية، فقد تحول بدوره إلى مقبرة مفتوحة، حيث تسجل كل عام مئات الحالات من الغرق والاختفاء.

المسافة الطويلة، وضعف وسائل الإنقاذ، وتباطؤ السلطات المحلية في الاستجابة، كلها عوامل جعلت هذا المسار من أخطر طرق العالم للهجرة.

وفي الشمال، برزت قناة المانش كأحد ممرات الموت الصامت، حيث توفي عشرات المهاجرين أثناء محاولات عبور القناة نحو بريطانيا، وسط صمت رسمي وتغطية إعلامية محدودة.

العنف على اليابسة

لكن المأساة لا تنتهي عند بلوغ الشاطئ. ففي فرنسا، تكررت الاعتداءات العنيفة والقاتلة ضد شباب سود من قبل الشرطة أو الجماعات المتطرفة.

حوادث عديدة صادمة سلّطت الضوء على عنف شرطي ممنهج يستهدف المهاجرين وأبناء الجاليات الإفريقية
وعلى تطرف يميني عنصري ضد السود ؛ ترعاه الحكومات الأوروبية ؛ بغض الطرف عنه.

وفي بلجيكا، وثّقت تقارير رسمية وحقوقية ازدياد جرائم الكراهية المرتبطة باللون أو الأصل، لتصبح الأكثر شيوعاً بين كل أنواع الجرائم ذات الدوافع العنصرية.

وفي ألمانيا، تزايدت الهجمات اليمينية المتطرفة على مساكن المهاجرين ومراكز إيوائهم، خصوصاً في شرق البلاد.

التقارير الأمنية أظهرت ارتفاعاً مطّرداً في الاعتداءات ذات الطابع العنصري، ما يعكس حضوراً قوياً لخطاب الكراهية اليميني الذي يرى في المهاجرين السود تهديداً “لهوية الأمة”.

قوانين تزيد الخناق

إلى جانب العنف المباشر، جاءت السياسات القانونية لتزيد من هشاشة الوضع. ففي فرنسا، أُقرت إصلاحات للهجرة عامي 2023 و2024 تضمنت بنوداً سهّلت الترحيل وأطالت فترات الاحتجاز، مما أثار انتقادات واسعة من منظمات حقوقية اعتبرت أن هذه القوانين موجّهة بالدرجة الأولى ضد الأفارقة.

وفي بلجيكا، جرى تطوير تشريعات لتقليص مسارات اللجوء والحد من دخول المهاجرين غير النظاميين، وهي قوانين قمع وطرد للمهاجرين السود

أما في إيطاليا، فقد اتخذت الحكومة خطوات لتقييد نشاط سفن الإنقاذ الإنسانية، مما أدى عملياً إلى زيادة عدد الوفيات في البحر.

أحزمة الفقر والتهميش

الوجه الآخر لهذه المأساة يظهر في المدن الأوروبية نفسها، حيث تتشكل “أحزمة فقر” حول العواصم الكبرى.

في ضواحي باريس أو بروكسل، يعيش آلاف المهاجرين السود في ظروف مأساوية، سكن متداعٍ، بطالة مرتفعة، تعليم ضعيف، وتهميش اجتماعي دائم.

وفي كثير من الحالات، يتحول الشارع إلى ملاذهم الوحيد، أو يجدون أنفسهم محشورين في أماكن احتجاز مكتظة تفتقر لأبسط شروط الكرامة الإنسانية.

صمت المنظمات

ما يضاعف خطورة الوضع هو تجاهل أو ضعف استجابة المنظمات الأوروبية والأممية.

ففي حين تُرفع شعارات حقوق الإنسان في المحافل الدولية، يُترك آلاف الأفارقة لمصيرهم في البحر والبر. تقارير منظمات مثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة توثق الأرقام، لكنها لا تملك سلطة محاسبة الحكومات الأوروبية أو إلزامها بتغيير سياساتها.

أما المؤسسات الحقوقية المحلية، فغالباً ما تواجه اتهامات بعدم الحياد أو تخضع لضغوط سياسية تحد من فاعليتها.

إن المشهد العام يوضح بجلاء أن الكراهية ضد السود في أوروبا لم تعد حوادث معزولة، بل صارت نمطاً متكرراً تتقاطع فيه السياسات الرسمية مع العنف المجتمعي.

فالمهاجر الإفريقي يواجه خطر الموت غرقاً إن حاول الوصول، وخطر العنف والتهميش إن وصل فعلاً، ثم يواجه قوانين تُضيّق عليه سبل العيش الكريم.

هذه المأساة المتجددة تكشف هشاشة القيم التي تتغنى بها أوروبا، وتضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية أخلاقية كبرى؛ هل تبقى شعارات حقوق الإنسان حروفاً على ورق، بينما يموت الناس يومياً في البحر والشوارع؟

أما الجمعيات الحقوقية الإفريقية ، فدورها ينحصر في شن حملات على الدول التي تنتمي إليها ، خدمة للدعاية الأوروبية ضد هذه الدول.
فتجدها في موريتانيا ترفع شعار حقوق السود ، وتلفق أبشع التهم لموريتانيا مثلا ، وتتجاهل الإبادة الجماعية الأوروبية الفعلية ضد السود في أعالي البحار وفي الشواطئ الأوروبية وفي عمق دول الاتحاد الأوروبي!
فهل ستذهب أرواح عشرات الآلاف من الأفارقة السود هدرا؟
وهل ستظل مآسيهم في أحزمة الفقر الأوروبية مستمرة وفي عشرات مواقع الاحتجاز القاتلة في أوروبا
وهل سيظل اليمين المتطرف يغزوهم في أحيائهم وتجمعاتهم دون حسيب ولا رقيب.

أوروبا تسرق ثروات الشعوب الإفريقية ، وتستقبل ثرواتهم المنهوبة من طرف الأنظمة الإفريقية الفاسدة، ، كودائع قابلة للتحول إلى غنائم ؛ وتدعم أنظمة الفساد في إفريقيا وتبيد الأفارقة السود في البحر والبر بطرق لا إنسانية شتى.

السود الأفارقة يستحقون حياة كريمة ككل الناس في أو طانهم وفي مهاجرهم.
وقد آن الأوان لإطلاق حملة عالمية تنافح عن حقوقهم في أوروبا
فأوروبا التي استعبدت 150مليون إفريقي في القرن الماضي دون اعتذار ولا تعويض لأبناء وأحفاد العبيد السابقين ؛ تعود لنفس الممارسات بطرق شتى !