ألا يسعكم خيار التفرج على قتال الأعداء لبعضهم!!الاستاذ محمد الكوري العربي

ما الذي فرض عليكم المفاضلة بين المشروع الصهيوني و المشروع الفارسي؟ و ما الذي جعلكم تكرهون الصهاينة و لا تكرهون المعممين الفرس؟ هل كتب عليكم أن تحشروا أنفسكم بين خيارين لا مصرف عنهما: إما أن تكونوا مع النتن ياهو أو مع الخامنئي؟
إذا كان منطلقكم في هذا هو الاحتلال: فالصهاينة احتلوا فلسطين و الجولان، و إيران احتلت الأحواز و العراق و الجزر الإماراتية . و إذا كانت مرجعيتكم في الاختيار هو الجرائم و المجازر ، فالكيان اقتصرت مجازره على فلسطين و جنوب لبنان، بينما عمائم الغدر الفارسي طالت مجازرهم الأحواز و العراق و سوريا و لبنان و اليمن و إذا لم يتداركنا الله فستطال تونس و الجزائر و المغرب … و قد نكون و تكونون من ضمن تلك المجازر المذهبية.
و إذا كان منطلقكم الإيلام لأمتكم ، فالكيان آلمنا بقتل بعض قيادات المقاومة الفلسطينية و إيران آلمتنا بقتل رموزنا القوميين في أفظع صورة ، ذبحت قائدا عربيا يوم عرفه، شيء لم تجرؤ عليه ( إسرائيل) : لم ينتق الكيان الصهيوني، على مدى قرن من الجرائم، يوم عيد الأضحى أو يوم عرفه أو عيد الفطر أو يوم عيد المولد النبوي لتذبح المقاومين الفلسطينيين أو اللبنانيين! و إذا كان دافعكم في الاختيار حجم التعذيب و وحشية أساليبه، فشتان بين كيان يعذب داخل سجونه و يخجل من العالم و بين نظام يقطع جثث الناس في الشوارع و يعلقها على الأعواد و ينزع حوايا بطون البشر جهارا نهارا، تقربا إلى الله و إلى الأئمة… و إذا كلن دافعكم كره الصهاينة و أمريكا فإن رئيس إيران محمد خاتمي ، بعظمة لسانه، صرح في كامل وعيه، قائلا : لولا دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية لما استطاعت أمريكا أن تطيح بنظام صدام حسين! و إيران هي التي أمدت الغزو الأمريكي بما يحتاجه من الخونة العراقيين ، من مليشياتها التابعة لها كي تنتقي الذخيرة الأسوأ من عملائها ، و أمريكا لم تسلم سلطتها على العراق إلا لعملاء إيران: المالكي، الجعفري، العبادي، عادل المهدي، … وصولا للعميل الحالي، الشياع! و إيران هي التي حمت مشروع ابريمر و دستوره الطائفي الذي أشعل نيران الفتن المذهبية في العراق… و إلى الآن ما تزال إيران تعفي سلطة عملائها من العقوبات التي فرضتها على من يتعامل مع إيران، فنفط العراق و مياهه و مناجمه … يسيرها الحرس الثوري الإيراني، حتى الكهرباء تأتي للعراقيين في شكل منحة إيرانية!
أنا أفهم الحملة المسعورة التي يشنها الناصريون لصالح عمائم السوء في طهران، لأنها حملة مناصرة لم تنقطع منذ حرب إيران على العراق، و كان أول صاروخ يسقط على بغداد هدية من القذافي رحمه الله إلى الدجال الخميني… إذن هذا الدعم و التواصل ليس جديدا، بل ظل مستمرا بينهم كحلفاء ، و أفهم مناصرة بعض تيار الإخوان المسلمين لإيران لأن الإخوان كانوا حلفاء أيضا لإيران برغم بعض الاضطراب الظرفية الناتجة تارة عن تقارب الإخوان مع مشيخات الخليج سعيا للحصول على أموالهم، و مؤخرا بسبب موقف إيران من نظام أسد و حمايتها لذلك النظام في وجه ثورة الشعب السوري ضد توريث الجمهورية من الأسد الأب إلى الأسد الابن… و أفهم انخراط جماعة نظام عائلة أسد البائد في الدفاع عن حلفائهم الفرس الذين وقفوا معهم، كما وقف نظام أسد الأب مع الخميني في حربه على العراق، و أتفهم الحماس الأعمى و الأصم لغوغاء الأميين و الجهلة الذين تدفعهم العاطفة الدينية و اختزال الدين بالنسبة لهم في اللحى و الشعارات دون التطبيق…. هذا كله متوقع من تلك الجماعات السياسية و الخيط الرابط بينها هو معاداة البعثيين و نظام صدام حسين. ما أراه غريبا هو وقوف بعثيين مع نظام الملالي الفرس و اعتبارهم أنه لا منجاة من دعم أحد المشروعين، الصهيوني أو الفارسي، و كأنه لا يسعهم خيار التفرج على تصادم أعدائهم ، خاصة أن بعض هؤلاء البعثيين لا ينقصه الوعي و لا الثقافة و لا المعرفة اليقينية أن إيران و الصهاينة الذين وسعهم التآمر و التكامل في الأدوار عند غزو العراق و احتلاله، لا يختلفون على النفوذ و توسيع حصة الافتراس على جسد الوطن العربي: فالكيان يريد التمدد إلى سوريا و العراق و السعودية، و المشروع التوسعي الإيراني يريد بسط هيمنته المذهبية و السياسية على سوريا و العراق و السعودية و البحرين و الكويت و أجزاء من اليمن. إذن، الصراع، هو على تعظيم كل طرف لحصته في الجسد الهامد للعرب، الذين تتنافس نخبهم على التخندق ما بين المشروع الصهيوني أو المشروع الفارسي! فما شأن البعثيين و أصحاب الوعي في الانحياز لأحد المشروعين، الصهيوني و الفارسي و إلزامهم لأنفسهم بالخيار بين الجدري و الجذام؟ هل ألزم النظام الإيراني، عند الغزو الأمريكي للعراق، و النخب الفارسية المرتبطة به أنفسهم بخيار دعم نظام صدام حسين، دعم المسروع القومي العربي؟ هل استشعروا أن المشروع القومي البعثي أقرب إليهم من الامبريالية الأمريكية؟ أو أنه أقرب إليهم من المشروع الصهيوني؟ هل تذكروا الإسلام و قيمه؟ هل تذكروا حقوق الجيرة… لما ذا هذه العدمية من جانبنا!
هذا غريب.. ألا يسعكم التفرج؟ ألا يسعكم تفعيل الدعاء بإفناء الظالمين لبعضهم بعضا، ألا يسعكم الصمت باط ؟ من الذي يضغ في أيديكم الكرباج و ينزع أظافركم لتختاروا بين قوتين سيئتين لم تدخر أي منهما جهدا في إنهاء أمتكم؟
شخصيا، لم أجدني في سعة من أمري قبل هذه المواجهة بين أعداء أمتي… و أنظر لهذا الصراع، بذات الراحة التي قد أتفرج بها على قتال الضبع المرقط شديد الشراسة ، و الذي يمثله الكيان الصهيوني، و أفعى المامبا ذات السمية الهائلة، التي تمثلها عمائم الغدر و الخبث و العدوانية الدفينة في إيران…