كلمة رئيس الحزب في أشغال الندوة الدولية الثالثة للحوار والسلام في الصحراء الغربية

ألقى رئيس حزب الإصلاح الأستاذ محمد ولد طالبن اليوم الخميس 27 فبراير الجاري كلمة في أشغال الندوة الدولية الثالثة للحوار والسلام في الصحراء الغربية التي نظمتها حركة صحراويون من أجل السلام بمدينة لاس بالماس الإسبانية، هذا نصها:

أيها الإخوة والأخوات الصحراويون والصحراويات،
أيها الحضور الكرام،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

يسرني باسمي شخصيا وباسم حزب الإصلاح في موريتانيا أن أشكر حركة صحراويون من أجل السلام على دعوتهم الكريمة لحزبنا لحضور أشغال الندوة الدولية الثالثة للحوار والسلام في الصحراء الغربية بمدينة لاس بالماس الإسبانية. التي تنظمتها  الحركة من اجل السلام في إطار مبادرتها المنبثقة من ثقافة السلم وانتهاج الحوار والانفتاح على العالم وفتح قنوات اتصال مع الأكاديميين والسياسيين والإعلاميين للتعريف بأهدافها التي تسعى إلى انتهاج خيار بديل سلمي، والتي أصبحت تمثل تيارا متناميا من الصحراويين يسعى إلى إيجاد حل عبر الحوار للقضية الصحراوية.

اخوتي الكرام

يشرفني أن أتحدث إليكم اليوم بمناسبة هذا اللقاء السعيد، شاكرا للمنظمين دعوتهم الكريمة التي تتيح لنا اللقاء بالأهل والإخوة والأحبة سواء القادمين من ربوع أقاليم الصحراء أو من المهجر، مُتمنيّا لكم جميعا موفور الصحة والعافية وسنة جديدة مليئة بالمسرات ورمضانا مباركا، ولنا ولكم التوفيق والنجاح.

أيها الإخوة والأخوات،
جئناكم من “مكة” الصحراء، بلاد شنقيط، المنارة والرباط، موريتانيا التي يكن لكم شعبها كل المحبة والتقدير والإحترام، لنشارككم في هذه اللحظات التي تغمرنا فيها أشواق اللقاء وفرحة التلاقي بين أبناء الصحراء مهما تعددت مناهلهم وتباعدت ديارهم وتباينت مشاغلهم وانشغالاتهم، تظل بهجة اللقاء والمحادثة والمناجاة والمسامرة توحد بيننا في لحظة احتضان الكل للكل، مرحبين بعضنا ببعض، بكل ما تزخر به التعابير الشفهية الراسخة في وجدان المجتمعات الصحراوية من دلالات وقيم ومعان أصيلة.. وكما يقول الشاعر محمد الأمين ولد الشيخ المعلوم :

يا من بكم جامد الأفكار ينصرف
وصـاحب الحاج عنكم ليس ينصرف
يـا مرحبـا بكـم أوان طلعتكم
يا عالمين من أين تؤكل الكتف
وإن لكـم مرحـبٌ قيلَـت وغيركُمُ
لـه تقـال فمـاذا الأمر مُؤتَلِفُ
فمرحـب قولهـا بـاللفظ متحـدٌ
لكنها بـاختلاف النـاس تختلف

ولا غرو، فقد أبدع أهل الصحراء في كل ألوان الفن من غناء وشعر ونثر بصفة رائعة تميط اللثام عن قبائل مسكونة بسحر الصحراء ومجبولة على الكلام الموزون والمقفى فصيحا وشعبيا.
ولا شك بأن المشتركات بين المجتمعات الصحراوية إنما تتغذى من سحر هذه الثقافة وتنوعها وجماليتها وابداعها ورقتها من خلال كل أنماط التعبير الثقافي وأيقونات حضارة الصحراء الخالدة، مثل الدراعة والملحفة،والشاي والشعر ولغن، وأزوان، والهول وكسكس والعيش وبلقمان والكسره ولبن الأبل …
وللتراث الثقافي الصحراوي في جميع أقاليمها معالم وصروح تجعل من التعبير غير المادي، مثل الفولكلور والأغاني والموسيقى الشعبية والحكايات والمعارف التقليدية المتوارثة عبر الأجيال والحقب والعصور، نبض الحياة، ومن التراث المادي مثل الأوان والحلي والملابس والمخطوطات والمنسوجات وغيرها، تجسيدا رائعا للهوية الجامعة للمجتمعات الصحراوية .
إن هذه الثقافة الصحراوية الجامعة هي ما يمثل وحدة عضوية تؤسس للتقارب الهوياتي بين المجتمعات الصحراوية الممتدة على مسافات زمانية ومكانية متباعدة تجمع أقاليم عديدة على خارطة جغرافيا هائلة في شمال وغرب افريقيا.

أيها الإخوة والأخوات،

إن حزب الإصلاح والذي هو من الأحزاب المتقدمة في المشهد السياسي الموريتاني لم يكن يوما بمنأى عن قضايا الأمة العربية والإسلامية وله أكثر من موقف ونشاط في كل ما يشغل الضمير العربي والإسلامي أو رأيه العام.
وإن من ثوابت حزبنا ومبادئه الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، بحكم مركزية قضيته بالنسبة للأمة، وكذلك الوقوف إلى جانب الشعب الصحراوي الشقيق بحكم الروابط المتعددة والتي منها روابط الجوار والدم واللغة والثقافة والعادات والتقاليد والتي جعلت منه أقرب شعوب الأرض إلى شعبنا وهي نعمة لن نمنها عليكم بل هي قدر محبب ، يسرنا مايسركم ويؤلمنا مايؤلمكم ..

فنحن في حزب الإصلاح وفي موريتانيا عموما نكن لكم الكثير من المحبة الصادقة ومن التقدير والإحترام، ويحز في أنفسنا أن تستمر معاناتكم طيلة عقود من الزمن بما يستتبع ذلك من تشريد ومعاناة وضغوط نفسية وبدنية، اجتماعية وسياسية، وثقافية، تركت آثارا عميقة في النفوس والوجدان كما في الواقع الملموس.. وأننا إذ نعي جيدا قدرتكم الهائلة ما شاء الله على الصبر والمثابرة وقوتكم على الصمود، فإننا نتطلع إلى أن نرى قريبا الغمة تنقشع والمعاناة ترفع والنزيف يتوقف..

أيها الأخوة الكرام

إننا في الوقت الذي نؤكد لكم فيه التزامنا بالموقف الرسمي للجمهورية الإسلامية الموريتانية والذي عبر عنه فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني في أكثر من مرة، حول الملف الصحراوي ، فإن قتناعنا تقول صراحة ،بأنه لا وصاية لنا على خياراتكم التي تقتنعون بها، فإننا نجدد لكم ثقتنا الكاملة بقدرتكم الذاتية على الوصول إلى بر الأمان، وسنكون دائما معكم وإلى جانبكم في الموقف الذي تختارونه بأنفسكم ولأنفسكم.. وليبارك الله لكم فيه..

عاشت الأخوة والمحبة الصحراوية..
عاش التضامن بين المجتمعات الصحراوية..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته