رؤيـــة “حــزب الإصــلاح”

يستمد الإنسان مشروعية ممارسة التدبير في الكون على نفسه وعلى البشر والدواب والشجر والحجر من واقعة الإستخلاف التي بدأت مع استخلاف الله تعالى لأبي البشر آدم عليه السلام ومن الأمانة التي عرضها الله على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان.

وقد خلق الله تعالى الإنسان مهيئا للإستخلاف والأمانة بما وهبه من قوة العقل والتفكير والتدبير في المحيط الطبيعي وبما منحه من القدرة على الاختيار في أفعاله التي جعله مسؤولا عنها ومحاسبا عليها.

وبما أن الإستخلاف يشمل مختلف مجالات الحياة الدنيوية والأمانة تشمل كل عقد أو ميثاق فهما أصل ممارسة فن التدبير الذي يجسده اليوم العمل السياسي، وبما أنه لكل مجتمع قواعده الضبطية لتدبير الحياةـ فإن تأصيل فلسفة التدبير في مجتمعنا بات أمرا ذا أهمية تستلزم استصحاب القواعد المطردة في السلوك السياسي الذي ينبغي التأسيس له -من وجهة نظرنا-بمراعاة المرجحات التالية:

– أصلية الإباحة في الأشياء واستثنائية التحريم.

– أفضل الحلول للتسهيل على الناس.

– أكبر منفعة مقابل أقل تكلفة.

– ترجيح ما يجمع الناس على ما سواه.

– الخيار بين الأنسب والممكن، لا بين الأمثل والانسب -(النهج الواقعي).

– إمكانية الصرامة في اتخاذ القرار الاستراتيجي من أجل الإصلاح عملا بقاعدة: “الضرب على أيدي الثلثين لإصلاح الثلث”.

وهذه المدلولات في نظام الحكامة ظلت متجاوزة في المجتمع رغم أنها موجودة في المذهب الفقهي المتبع.

ومن هذ المنطلق، انبثقت فلسفة حزب الإصلاح لاعتبار هذه القواعد ناظما سياسيا لوضع رؤية محددة وموحدة من القضايا الوطنية.

فالحزب في نظرنا ليس مجرد جهاز انتخابي تعبوي، بقدر ما هو إطار سياسي يخلق في نفوس منتسبيه رابطة إيمانية وعصبية لرؤية مبدئية قوامها التربية والتعبئة والتأطير على القيم الإنسانية النبيلة، والمصالح العامة وأسلوب التفكير المشترك، والاحتكام للحوار والنقاش والتبادل البناء.

لقد تعاقبت في عهد الدولة العصرية أنظمة عديدة كانت سمتها المشتركة الميل في الغالب إلى الحلول التكتيكية لمواجهة واقعة معينة، تفاديا لما يهدد كيان تلك الأنظمة.

وهذا لا يعني تجاهل الجوانب الإيجابية الكثيرة لتلك الأنظمة في السيرورة التاريخية لهذا البلد وإنما لكل إخفاقاته ونجاحاته.

وإن أي نظام قد يصطدم بظروف يتطلب التكيف معها تكتيكات وقتية تفرضها الضرورات، لا القناعات، لكن الأجدر أن يكون ذلك في حدود لا تتعارض مع الاستراتيجية الوطنية الكبرى.

وبما أننا في حزب الإصلاح نؤمن بالتراكم التاريخي لفكرة الدولة وممارسة السلطة ونتفادى الحلول الثورية لما يصاحبها عادة من هزات واضطرابات قد لا تحمد عواقبها نرى أن الأنسب لبلدنا انتهاج سياسة التدرج السلسة لتأمين التحول الاجتماعي والسياسي، والفكري وحتى الأخلاقي.

وفي تلمس حزبنا لمكامن الخلل في التدبير السياسي منذ الاستقلال ومن أجل وضع تصور حكامة على طريق الحكم الرشيد والتنمية والخروج من حالة الخلاف والتشرذم.