الذكرى التاسعة والأربعون لـ”يوم الأرض” / قيس أبو سمرة

تحل الأحد المقبل في فلسطين الذكرى السنوية التاسعة والأربعون لـ”يوم الأرض” الذي تعود أحداثه إلى العام 1976 عندما صادرت إسرائيل مساحات شاسعة من أراضي المواطنين العرب لديها وأدت الاحتجاجات إلى مقتل وإصابة عشرات منهم.

ويُحيي الفلسطينيون في جميع أماكن تواجدهم “يوم الأرض” في 30 مارس/ آذار من كل عام، من خلال إطلاق عدة فعاليات وأنشطة وطنية.

وتأتي الذكرى هذا العام مع تصاعد الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول 2023، وعمليات عسكرية بالمخيمات وتكثيف الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة.

وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 164 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

ومنذ بدئه حرب الإبادة صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية بما فيها القدس، ما أدى إلى مقتل أكثر من 939 فلسطينيا وإصابة قرابة 7 آلاف شخص واعتقال 15 ألفا و700، وتهجير أكثر من 40 ألفا، وفق معطيات فلسطينية.

واكتسب “يوم الأرض” أهمية كبيرة، كونه أول صدام يحدث بين الفلسطينيين داخل إسرائيل وسلطات الاحتلال، وفق مراقبين.

** معطيات

وذكر جهاز الإحصاء الفلسطيني في بيان وصل الأناضول أن السلطات الإسرائيلية استولت على 46 ألف دونم من أراضي الضفة في العام 2024.

ولفت البيان إلى أن عدد المواقع الاستيطانية والقواعد العسكرية الإسرائيلية بلغ في نهاية العام 2024 في الضفة الغربية 551 موقعاً.

وهذه المواقع هي؛ 151 مستوطنة و256 بؤرة استيطانية (منها 29 بؤرة مأهولة تم اعتبارها كأحياء تابعة لمستوطنات قائمة) و144 موقعاً أخرى تشمل مناطق صناعية وسياحية وخدمية ومعسكرات للجيش.

وأوضح البيان أن العام 2024 شهد زيادة كبيرة في وتيرة بناء المستوطنات وتوسيعها، فيما بلغ عدد المستوطنين 770 ألف و420 في نهاية العام 2023.

وتشكل نسبة المستوطنين إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية حوالي 23.4 مستوطنا مقابل كل 100 فلسطيني، في حين بلغ أعلاها في محافظة القدس حوالي 67.6 مقابل كل 100 فلسطيني.

** إبادة مستمرة

وأشار جهاز الإحصاء إلى أن 49 ألفا و747 فلسطينيا قتلوا بقطاع غزة، منهم نحو 18 ألف طفل و12 ألف و300 سيدة و11 ألف مفقود، و120 ألف مصابا حتى 24 مارس الجاري/ آذار الجاري جراء حرب الإبادة.

ولفت إلى أن 70 بالمئة من الوحدات السكنية في قطاع غزة لا تصلح للسكن، إضافة إلى تدمير المدارس والجامعات والمستشفيات والمساجد والكنائس والمقرات الحكومية.

وبين جهاز الإحصاء أن إسرائيل هدمت خلال العام 2024 ما يزيد على 903 مبانٍ ومنشآت بشكل كلي أو جزئي بالضفة الغربية، منها 242 مبنى ومنشأة في محافظة القدس، إضافة إلى إصدار 939 أمر هدم لمنشآت فلسطينية بحجة عدم الترخيص.

ومنذ بداية العام 2025 تقوم سلطات الاحتلال بهدم عشرات المباني في المخيمات الفلسطينية، وتهجير عشرات الآلاف من ساكنيها بحسب البيان ذاته.

وأشار الإحصاء إلى أن عدد سكان فلسطين المقدر نهاية العام 2024، بلغ 5.5 ملايين فلسطيني بينهم 3.4 ملايين في الضفة الغربية.

وذكر أن عدد سكان قطاع غزة انخفض عام 2024 بنسبة 6 بالمئة، بنحو 160 ألف فلسطيني، ليبلغ 2.1 مليون نسمة، من جراء الإبادة وتبعاتها.

وبلغ عدد الفلسطينيين حوالي 14.9 مليون في العالم نهاية العام 2024، منهم 7.6 ملايين خارج فلسطين التاريخية، و5.5 مليون في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة، و1.80 مليون في أراضي 1948.

** بداية الأحداث

عام 1975 أعلنت حكومة إسرائيل خطة لتهويد منطقة الجليل، لبناء تجمّعات سكنية يهودية على أراض تعود لفلسطينيين يمثلون أغلبية في المنطقة.

جاءت تلك الخطة ضمن مشروع أطلقت عليه السلطات الإسرائيلية اسم “تطوير الجليل”.

وصادقت الحكومة في 29 فبراير/ شباط 1976 على قرار لمصادرة 21 ألف دونم من أراض تعود ملكيتها لفلسطينيين في بلدات سخنين وعرابة ودير حنا وعرب السواعد، وخصصتها لبناء مزيد من المستوطنات.

واستباقا لأي مواجهة أعلنت السلطات الإسرائيلية حظر التجوال في القرى التي صودرت أراضيها منذ الساعة الخامسة من مساء يوم 29 مارس من ذلك العام، واعتبرت أي تظاهرة ستخرج احتجاجا على المصادرة “غير قانونية”.

وفي إطار مواجهة القرار اجتمعت لجنة الدفاع عن الأراضي التي انبثقت عن لجان محلية فلسطينية، وأقرّت إعلان إضراب شامل في اليوم التالي الذي وافق 30 مارس، ولمدة يوم واحد فقط.

وبدأت شرارة المظاهرات في 29 مارس من ذلك العام بانطلاق مسيرة شعبية في بلدة دير حنا، تعرضت لقمع شديد من الشرطة، تلتها تظاهرة أخرى في بلدة عرّابة، وكان القمع أقوى وسقط قتيل وعشرات الجرحى.

وأدى انتشار خبر مقتل المتظاهر إلى اتساع دائرة المظاهرات والاحتجاج في كافة المناطق العربية في اليوم التالي.

وتركزت المواجهات في منطقتي الجليل والمثلث شمال إسرائيل لاسيما قرى وبلدات عرابة ودير حنا وسخنين، وكذلك صحراء النقب (جنوب).

وأفضت هذه المواجهات إلى استشهاد 6 فلسطينيين وإصابة عشرات جرّاء قسوة القمع، ورفض الاحتلال تشكيل لجنة للتحقيق بظروف مقتلهم رغم أنهم يحملون الهوية الإسرائيلية.

ومع استمرار السياسات الإسرائيلية في مصادرة الأراضي وسرقتها، فإن الفلسطينيين يعتبرون معركة الأرض مستمرة حتّى هذا الوقت.​​​​​​​