المجتمع المدني الموريتاني و رهان حقوق الانسان / داهي ولد الحمد رئيس مصلحة الاعلام بمفوضية حقوق الانسان و العمل الانساني و العلاقات مع المجتمع المدني
يحدد قانون الجمعيات 004/2021 الجمعية انها هي الاتفاقية التي بمقتضاها، يضم خمسة اشخاص على الاقل معارفهم ، او نشاطاتهم بعضها الى بعض،بشكل دائم من اجل غرض غير ربحي .
وتنطبق أحكام هذا القانون على جمعيات الاشخاص ، ولا تنطبق على :
– الهياكل ذات الطابع السياسي
– النقابات المهنية
– التعاونيات
– و التسيير التشاركي للواحات
و حسب القانون 004 / 2021 تلزم كل جمعية بأن يكون لها هدف يغطي مجال تدخل أساسي ، ويجب تحديد هذا الهدف بدقة ، و التعبير عنه في النظام الاساسي للجمعية.
ويمكن للجمعية ان تقدم خدمات معوضة شريطة ان لا تكون هذه الخدمات هي غالبية الانشطة للجمعية ، حسب القانون المذكور.
غير ان كلمة مجتمع مدني تحمل طياتها الكثير من الدلالات و المعاني التي تجعله مواز في مكانته للمجتمع السياسي في الامم الديمقراطية. فكيف يمكن للمجتمع المدني الموريتاني ان يؤسس لمفهوم حقوق الانسان وعيا وممارسة؟
إن بناء أي دولة للعدل وحقوق الانسان يجب ان تتوفر علي عناصر اساسية لقيامها و التي من اهمها مجتمع مدني يضمن التوازن مع المجتمع السياسي و يقوم انحرافاته.
لقد برز المجتمع المدي في اول تجل له في انجلترا في القرن السابع عشر ومن ثم فرنسا في القرن الثامن عشر , مؤسسا علي الاستقلالية , وكان دوره تحرير المواطن و تجريد الملوك من الحق الإلهى أو التعلل به.
ومن اجل ان نحطى بمجتمع مدني قوي يجب ان لا نخضعه للحسابات الضيقة و المصالح السياسية بل يجب ان نعينه علي القيام بدوره و هو الدفاع عن المجتمع بعيدا عن اكراهات الحقل السياسى.
لذلك جاء القانون 004 /2021 في المادة 3 ليصحح هذه الوضعية المختلطة بين المجتمع المدني و الممارسة السياسية .
وقد نصت هذه المادة على انه يجب على الجمعية الامتناع عن مزاولة انشطة خاصة بالمجتمع السياسي مثل :
– اتخاذ الوصول الى السلطة هدف
– تعيين مرشحين لمراكز سياسية
– فرض الانتماء او عدم الانتماء لحزب سياسي ،او التبعية له بأية طريقة كانت معيارا للانضمام للجمعية.
– الانخراط في نشاطات هدفها تمويل الاحزاب السياسية ،او البحث لها عن تمويل.
إن مجتمعا معتل بالعاهات يحتاج الي مجتمع مدنى قوي يقوم الاعوجاج وينير الطريق من اجل الوصول الي الديمقراطية المنشودة ، و النفاذ الى الحقوق، بعيدا عن خلط الممارسة السياسية ، بالعمل المدني و الحقوقي.
ومن الادوار المنوطة بالمجتمع المدني بمجال حقوق الانسان :
- تعميق الوعي بالحقوق ونشر الثقافة الحقوقية بالمحاضرات و الندوات و الاعلام.
– تسليط الضوء على الخروقات و الانتهاكات المتعلقة بحقوق الانسان. - صيانة المكاسب الحقوقية.
- السعي لتنمية مستدامة من خلال ربط أهداف التنمية المستدامة بحقوق الانسان التي يكفلها القانون و المواثيق الدولية.
و تظل هذه الادوار نسبية أو كلية ، حسب نوع المجتمع المدني و الوضعية العامة التي يعيشها في ظل الرفاه و دولة القانون.
وعلي الرغم من الرسالة النبيلة التي يحمل المجتمع المدني إلا انه مكبل ببعض العوائق التي تحول دون القيام بدوره , فوجود مجتمع مثقل بالعاهات والعوائق القاتلة كالأمية و الفقر و غيرها، والتي تقف حاجزا دون اداء دوره المنشود، يظل دور المجتمع المدني امل الشعوب المنهكة والطامحة، في النهوض به نحو الرقي و الازدهار و الى غد افضل.
كذلك الخلط بين العمل الحقوقي و العمل السياسي مما يولد نوعا من عدم الارتياح لدي المواطن وخوفه من الاستغلال السياسي مقابل ضمان حقوقه و الحفاظ عليها , وتصبح بذلك استقلالية الحقوقي نسبية.
و يعرف المجال السياسي علي أنه مجموعة من الافكار و الانظمة المتخذة من طرف هيئة سياسية سواء تعلق الامر بالسلطة او المعارضة و مجال تطبيقه هو الدولة او الاحزاب.
و أي عمل يستهدف التأثير علي السلطة السياسية هو عمل سياسي , ولان المجال الحقوقي يختلف من حيث الانظمة و المعايير و القيم عن المجال السياسي ، لذلك وجب الفصل بينها.
ومما يعاني منه مجتمعنا المدني اضافة الي تداخل الحقوقي بالسياسي :
قلة التجربة في العمل المدني-
و ضعف التكوين-
نقص الاطر المدربة على العمل المدني-
ضعف الامكانيات – - ضعف التنسيق.
ورغم كل هذه العقبات يظل المجتمع المدني الموريتاني لبنة مهمة من لبنات البناء والتوازن الديمقراطي النموذجي في ظل دولة القانون و العدالة و المساواة , و يبقي الامل المنعقد علي هذا المجتمع للقيام بدوره في ظل وضعيته هذه يراوح مكانه دون الخروج من دوامة الفشل.