قراءة في خطاب رئيس الجمهورية / محمد الأمين ولد الفاضل

التمهيد للخطاب ، لقد مهد رئيس الجمهورية لخطابه بمشاورات واتصالات واسعة مع أبرز قادة المعارضة، هذا فضلا عن الاتصالات ببعض النقابيين. هذه المشاورات والاتصالات عمقت من جو الهدوء السياسي الذي كان هو الملمح الأبرز لهذا العهد الجديد. لقد جاء الخطاب من حيث التوقيت في لحظة فريدة من نوعها يطبعها التصالح واستعداد الجميع للتعاون في مواجهة فيروس كورونا المستجد.

طوق النجاة

كان الرئيس واضحا في خطابه، وفي اعتقادي بأن الخطاب قد بلغ مستوى من الوضوح والصراحة والمباشرة لم يكن مألوفا في خطابات الرؤساء.

خمس كلمات قوية جدا وصريحة جدا اختار الرئيس أن يفتتح بها خطابه، فبعد أن بسمل وصلى وسلم على أشرف الخلق، ووجه التحية للمواطنين قال وبكلمات مباشرة: ” إن بلدنا يمر بفترة عصيبة”. إن السؤال الذي يمكن أن يطرح بعد هذه الكلمات الخمس التي وصف بها الرئيس الوضعية التي تمر بها بلادنا، هو كيف سنتجاوز هذه الوضعية العصيبة؟ هذا سؤال أجاب عليه الرئيس في خطابه إجابة مباشرة أيضا، وذلك بعد أن بيَّن صعوبة الظرفية التي تمر بها البلاد في جمل قصيرة جدا. لقد كانت إجابة الرئيس كالآتي : ” طوق نجاتنا الأول، هو العمل على منع انتشار الفيروس وتفشي العدوى.”

تعني هذه الإجابة بأننا لن نتمكن من الخروج من هذا التحدي الذي نواجهه، إلا من خلال منع تفشي الفيروس.

7 إجراءات هامة

تحدث الرئيس في خطابه عن 7 إجراءات هامة، وتحدث عن هذه الإجراءات في جمل قصيرة وواضحة تحمل أرقاما من واحد إلى سبعة، وهذا أيضا غير معهود في خطابات الرؤساء. تعهد الرئيس في خطابه بإنشاء صندوق خاص للتضامن الاجتماعي ومكافحة فيروس كورونا، يمكن للجميع أن يساهم فيه، أما مساهمة الدولة فحددها ب 25 مليار أوقية قديمة ستتوجه لسبع إجراءات، أولها : اقتناء كافة حاجيات البلد من الأدوية والمعدات والتجهيزات الطبية المرتبطة بالوباء. وثانيها : تخصيص 5 مليارات أوقية قديمة لدعم 30 ألف أسرة، وهو ما يعني بلغة المتوسطات منح 55555 أوقية قديمة كل شهر لكل أسرة من الثلاثين ألف أسرة المستهدفة. أما الإجراءات الخمسة الأخرى فقد بدأت كلها بكلمة “تَحَمُّلُ الدولة”، ولا شك بأن هذه الكلمة كانت شديدة الوقع في نفوس المواطنين، خاصة وأن الدولة كانت قد تخلت في الفترات الماضية عن الكثير من مسؤولياتها والتزاماتها اتجاه الفئات الأكثر فقرا .

فقرة مطمئنة

من يستمع للخطاب قد يعتقد للوهلة الأولى بأن الدولة ستتخلى عن كل مسؤولياتها اتجاه الشرائح الأكثر فقرا، وستتفرغ في الفترة القادمة لصندوق التضامن الاجتماعي وتنفيذ الإجراءات التي تعهد بها الرئيس. وتفاديا لذلك اللبس فقد أشار الرئيس في خطابه بأن رصد الموارد المخصصة لهذا الصندوق، لن يؤثر على المشاريع الاجتماعية والتنموية المبرمجة لهذه السنة، بل على العكس من ذلك، فسيتم العمل على تسريع تنفيذ تلك المشاريع لتواكب تحديات الظرفية الراهنة.

خاتمة الخطاب

كانت خاتمة الخطاب في غاية الانسجام مع مقدمته، فإذا كان الرئيس قد ذكر في بداية خطابه بأن ” طوق نجاتنا الأول، هو العمل على منع انتشار الفيروس وتفشي العدوى.” فإنه في نهاية خطابه قد حدد كيف يمكننا أن نقف ضد انتشار الفيروس، وذلك عندما طالب ب : “الحرص على الاحترام الصارم لما تقرر من إجراءات وقائية، والبقاء في المنازل قدر المستطاع، وقصر التنقل بين المدن على ما تمليه حالات الضرورة القصوى، والتحلي بأعلى درجات الحيطة واليقظة.”

ختاما

تضمن الخطاب تعهدات في غاية الأهمية، وهناك من يصنفها لأهميتها على أنها تجاوزت سقف التوقعات، وهناك من كان يريدها أن تتسع لتشمل تخفيض أسعار المحروقات ودعم صغار الموظفين. في الخلاصة إنها تعهدات في غاية الأهمية، ولكن يبقى التحدي الأبرز في التنفيذ وفي وصول الإجراءات المتعهد بها إلى الأسر الأكثر فقرا، ولعل الشرط الأول لتحقيق ذلك يتمثل في اختيار أشخاص أكفاء ومشهود لهم بالاستقامة لإدارة وتسيير صندوق التضامن الاجتماعي ومكافحة فيروس كورونا.

حفظ الله موريتانيا..