الإعلان السياسي

منظمة النساء
الإعلان التــأسيــسي
لا شك أن في ممارسة المرأة لدورها الحقيقي في حياة المجتمع ضرورة وطنية تقدمية وإنسانية؛ وأن هذا الدور قد تنامى وتطور كثيراً في تاريخ المجتمعات عما كان عليه سابقاً، بفضل ما نيلت المرأة من حريتها وقيمتها الإنسانية، ودخولها بالتالي ميادين العمل كافة. وهو خير دليل على السمو والرفعة اللتين تستحقهما المرأة وشؤونها واهتماماتها.
وقد شهدت موريتانيا في القرن الماضي خطوات رائدة لتعزيز دور المرأة في بناء الوطن، تسارعت في السنوات الأخيرة حيث ارتبطت نهضة المرأة الموريتانية المعاصرة بها من خلال التشريعات المختلفة التي صدرت، سواء ما كان منها خاصاً بالمرأة أو ما كان عاماً. وقد عادت بالفائدة على المرأة، لذا، فقد أقر حزبنا حزب الإصلاح في قيمه السياسية، العمل علي تعزيز مكانتها ودعمها فكرياً وثقافياً ومعنوياً.

ويطالب حزب الإصلاح بفتح آفاق العمل أمام في كل المجالات. وأن تتكفل الدولة للمرأة بجميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية. وأن تعمل الدولة ضمن سياساتها على إزالة القيود التي تمنع حتى الآن تطور المرأة وتمكينها.

وتؤكد قيم الحزب على أهمية العمل على صياغة مقاربة نظرية متكاملة تقوم على أسس علمية وموضوعية لتثمين دور المرأة في تنمية المجتمع. والعمل على التعريف بتلك المقاربة عن طريق وسائل الإعلام. ويرى الحزب ضرورة إحداث تغيير جوهري في المفاهيم والآراء الخاطئة حول دور المرأة والعمل على إحلال مفاهيم جديدة. ويعتبر الحزب هذه القضية منهجاً فكرياً يستند على ضرورة وحتمية استثمار طاقات المرأة الإبداعية والفكرية والمادية لتصب في خدمة الوطن وتطوره ونمائه.

إن مشاركة المرأة في الحياة العامة كجزء فاعل في العملية التنموية، يجب ألا يكون من خلال مجرد وجود رمزي، أو ضمن هوامش محددة على اعتبار أنها نصف المجتمع. وإنما لضرورة زرع عملية التغيير في أذهان الناس، وتوعيتهم بهدف الوصول إلى دور كامل في المجتمع. فالتعليم والعمل هما مقياس التطور الحقيقي للمرأة. ولا يمكن تحقيق التنمية الشاملة في المجتمع إذا كان دور المرأة معطلاً.
ويعطي حزبنا قضية المرأة اهتماماً كبيراً، ويعتبرها بمثابة القضية الجوهرية والحيوية، وقد وضعها في مقدمة الأولويات بين قضايا المجتمع وعوامل تقدمه. وقد دافع الإعلان السياسي للحزب عن إنسانية المرأة وحريتها ومساواتها، والعمل على إزالة العقبات أمام تحررها وتقدمها.
وعندما نطالب بدور كامل للمرأة، فلأنها تمثل نصف المجتمع وتشكل نصف الوجود… وتكوّن نصف الحقيقة. وهي لا تزال تناضل منذ بدء الخليقة للاعتراف بكيانها وحقوقها.، فقد لعبت المرأة دوراً فعالاً عبر الحضارات، فكانت الأم “رمز العطاء والحياة” والحبيبة والزوجة والأخت، ورمز الخير والأرض التي تعطي دائماً فهي تعمل ولا تمل. وهي المناضلة الباسلة، وهي في موقع الجندي المجهول في أرض البناء. وتقف وراء تربية النشء واستغلال طاقاته .

إذن، فالمرأة مكانتها عظيمة، كبيرة، رصينة، هي قيمة تتهاوى أمامها عظمة الرجال، لأنها صانعة الشعوب، وفي إعداد المرأة إعداد للشعب. وفي تهذيبها تهذيب للأجيال. وفي تثقيفها حياة للأمة. فالمرأة وراء كل عمل عظيم فهي حياة القلوب. وأساس تقدم وازدهار الشعوب.

وإذا ما أمعنا النظر بواقع المرأة الموريتانية في الحياة السياسية، نجد خطوات هامة قد أنجزت، وخطوات أهم ما زالت بالانتظار. فمنذ أن أصبحت المرأة متساوية مع الرجل في حقها في الانتخاب والترشح وممارسة العمل السياسي بشكل عام، حصلت تغيرات جوهرية على واقع المرأة السياسي.

إذ يوجد اليوم العديد من النساء في المجالس البلدية وفي الجمعية الوطنية، وكذلك في المناصب التنفيذية العليا والوزارات. وهذه الظاهرة في ارتفاع متزايد. وهو ما يدل على قدرة المرأة على المشاركة والفعالية في كثير من الأحيان. وما تتضمنه هذه المشاركة من انعكاسات إيجابية على المرأة والمجتمع. حيث إنه لا يمكن أن تكون هناك تنمية سياسية متكاملة دون مشاركة فاعلة من طرف هذا القطاع المهم في المجتمع الذي هو المرأة.
وإذا كنّا نريد لبلادنا أن تنمو وتزدهر، ولشعبنا أن يحقق التقدم والتطور، فلا بدّ أن تأخذ المرأة دورها كاملاً وأن تتهيأ لها كل العوامل التي تمكنها من أخذ هذا الدور.
ولا بد أن نعمل علي تعديل بعض مواد قانون الأحوال الشخصية لمصلحة المرأة والأسرة في الحد من الطلاق والزواج المبكر وتمديد سن الحضانة. وحصولها على حق التعويض العائلي في حال عدم حصول الزوج عليه، وإزالة كافة العقبات أمام تحررها وتمكينها في المجتمع. لأن طموحنا أن تصبح المرأة الموريتانية النموذج العربي والعالمي فيما تؤدي من مهام وتتمتع من حقوق وصلاحيات. في هذا الإطار، يعمل الحزب على تطوير مهارات النساء ورفع مستوى الوعي بحقوقها الصحية والقانونية والاقتصادية وتعزيز أدوارها الاجتماعية وحضورها الفاعل بمجمل العمليات التنموية.

ولذا، يبدأ حزبنا حزب الإصلاح مسيرته، والتي يعرف أنها ستكون طويلة وشاقة بوعي كبير وفهم عميق بأهمية دور المرأة في بناء وتنمية المجتمع. وهذا الوعي والفهم لم يأتِ من فراغ، بقدر ما استمد حيويته وقواعده مما شاهده ولمسه لدى المرأة الموريتانية من نزوع كبير وسعي حثيث للحرية والتخلص من كل القيود التي كانت تفرضها المفاهيم والعادات الخاطئة، والتي ابتعدت بالمرأة عن إنسانيتها وحقوقها التي كفلتها لها شرائع السماء وقوانين الأرض.

يعطي حزب الإصلاح اهتماماً استثنائياً كبيراً لقضية المرأة. حيث يعتبرها القضية الحيوية والمحورية. وقد وضعها في مقدمة الأولويات بين قضايا المجتمعية. ولذا فهو يؤسس منظمته النسائية لتكون مدرسة تربوية للإعداد الحزبي للمناضلة المتسلحة بالقيم والمؤمنة لصلاح الدولة والمجتمع، باعتبار المرأة روح المجتمع وقلبه وحاضنته ّالتي إذا صلحت صلح كله، وإذا فسدت فسد كله.

ونحن بتأسيسنا لمنظمة النساء نؤكد أن نضال حزب الإصلاح لرفع مستوى المرأة الموريتانية، سيستمر ويتعاظم ويكبر، خلال المراحل القادمة التي سوف تشكل اختبارا جديدا لدور وقدرة المرأة في حزب الإصلاح على استكمال مسير العطاء، التي ستكون ضمن أولويات المرحلة المقبلة التي ستشهد تسارعا كبيرا للخطوات بغية إعداد إنسان موريتاني جديد للنهوض بهذا الوطن مجددا، حتى يستعيد نشاطه وحيويته ودوره التاريخي والحضاري في المنطقة والعالم من حولنا.

أنواكشوط، 13 فبراير 2021