فرنسا رفضت التعدد الثقافي لشعبها مبكرا / بقلم : عبد الله ولد بونا

 

التجربة الفرنسية في إدارة التنوع، نجد فيها مفارقة بارزة.
فرنسا بلد يضم ما يزيد على 75 إثنية وقرابة 75 لهجة محلية وإقليمية، ومع ذلك فقد اختارت منذ زمن بعيد أن تشطب هذا التعدد من دستورها، وتكرّس الفرنسية وحدها لغة الجمهورية الرسمية والجامعة.

هذا الخيار كان أداة سياسية لتثبيت نموذج الدولة القومية المركزية. فالفكر الجمهوري الفرنسي ارتكز على ثلاث ركائز أساسية:

1. الوحدة اللغوية ضمانة للوحدة السياسية باعتبار أن التعدد اللساني قد يهدد الكيان الوطني، بينما اللغة الواحدة تعزز الهوية الجامعة.

2. رفض تشكل “المجتمعات الموازية” أي عدم الاعتراف القانوني بالجماعات الثقافية أو الإثنية، وتذويبها في مواطنة موحدة.

3. العلمانية الصارمة: التي تنزع عن المواطن أي هوية أولية سابقة على الدولة، وتجعل من اللغة الفرنسية وعاءً وحيداً للمواطنة.

لم تكن اللغة الفرنسية مجرد وسيلة تواصل، بل تحولت إلى رمز سيادي يوحد الفرنسيين دستورياً، ويقصي في الوقت ذاته لغاتهم ولهجاتهم الأصلية من أي شرعية رسمية.

تجارب أخرى نجد فيها مثلا أن سويسرا اعترفت بأربع لغات رسمية، بينما تبنّت كندا الثنائية اللغوية (الإنجليزية والفرنسية) لتستوعب تنوعها الداخلي. أما فرنسا فقد تمسكت بخيار “اللغة الواحدة”، انسجاماً مع فلسفتها المركزية الصارمة.
فبأي منطق تنشط جماعات الضغط الإثني الفرنسي ضد موريتانيا؟
أليست الأسباب حضارية دينية ، أليس المحرك هو العداء للإسلام وللغته العظيمة الجامعة لكل المسلمين ، وخصوصا في موريتانيا .
لاتكن في خندق من يعادي دينك ولغته العظيمة التي نزل بها.
تحدثت أوروبا العربية لقرون وتعلمت بها في المدارس والجامعات ، فدخلت من باب التنوير العلمي الأوسع.