طوفان الأقصى وذكرى 23 يوليو: حاجة الأمة إلى مشروع تحرري يتجاوز التجزئة/الدكتور محمد صبحي أبو صقر

 

مقدمة
تمرّ على الأمة العربية والإسلامية ذكرى ثورة 23 يوليو 1952، التي حملت في بداياتها حلمًا تحرريًا وحدويًا حاول كسر أغلال الاستعمار والتبعية، وتوحيد الصف العربي في وجه الاحتلال والهيمنة الأجنبية.
واليوم، وبعد أكثر من سبعين عامًا، تطل علينا عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، لتفتح جرح الأمة من جديد، وتُعيد إلى الواجهة أسئلة الهوية والكرامة والمشروع التحرري الغائب.
بين 23 يوليو وطوفان الأقصى، يقف التاريخ شاهدًا على أن الأمة ما زالت تبحث عن مشروع جامع يُوحِّد قضاياها ويحرر إرادتها، ويكسر القيود التي فرضها الاستعمار والاستبداد والتطبيع.
أولًا: من 23 يوليو إلى طوفان الأقصى.. رحلة المشروع التحرري
1. ثورة 23 يوليو.. نواة مشروع قومي
• رفعت شعار التحرر من الاستعمار البريطاني.
• نادت بالعدالة الاجتماعية، ورفعت لواء القومية العربية.
• دعمت حركات التحرر في الجزائر وفلسطين واليمن وأفريقيا.
• طرحت حلم “الوحدة العربية” من المحيط إلى الخليج.
2. النكسة والانقسام
• هزيمة 1967 كانت ضربة قاسية للمشروع الوحدوي.
• دخلت الأمة بعدها في زمن “الدولة القُطرية”، وضعفت مشاريع المقاومة.
3. طوفان الأقصى.. عودة الروح
• كشفت العملية هشاشة الكيان الصهيوني.
• حرّكت الشارع العربي والإسلامي من سباته.
• أكدت أن روح التحرر لا تموت، وإن خذلتها الجغرافيا والأنظمة.
ثانيًا: واقع الأمة.. ما بين الحلم القديم والتجزئة المستمرة
1. الانقسام القُطري والمذهبي
• فشلت معظم الدول العربية في بناء نموذج تحرري مستقل.
• الحروب الداخلية والاصطفافات الطائفية فرّقت الشعوب.
• غابت فلسطين عن أولويات كثير من الأنظمة.
2. التحول من مواجهة الاستعمار إلى التعايش معه
• من طرد القواعد الاستعمارية إلى استضافتها.
• من دعم المقاومة إلى تجريمها.
• من مقاطعة الكيان إلى التطبيع معه.
ثالثًا: لماذا نحتاج اليوم مشروعًا تحرريًا جامعًا؟
1. لأن الاحتلال لم يسقط
• فلسطين ما زالت تحت نير الاستعمار.
• القدس تُهوَّد، والأقصى يُدنّس.
• الشعب الفلسطيني يُذبح، والأمة تتفرّج.
2. لأن الشعوب مسحوقة تحت أنظمة تابعة
• استبداد سياسي واقتصادي وثقافي.
• سيطرة الأمن على الحياة العامة.
• إقصاء النخب وتدجين العلماء والمفكرين.
3. لأن طوفان الأقصى قال ما عجزت عنه الجيوش
• مشهد المقاتل الغزّي الذي اقتحم الحصون، أحرج كل “جيوش العرب”.
• المقاومة قدّمت مشروعًا عمليًا للكرامة والصمود.
رابعًا: ملامح المشروع التحرري الجديد
1. هوية موحِّدة لا ممزِّقة
• إسلامية/عربية/تحررية.
• لا تفرّق على أساس العِرق أو الطائفة أو القُطر.
2. مركزية القدس وفلسطين
• القضية المركزية التي تكشف موقف كل نظام.
• اختبار حقيقي للكرامة والعدالة.
3. تحالف الشعوب لا الأنظمة
• الشعوب أثبتت وعيها في كل انتفاضة وموقف.
• المطلوب اليوم توحيد الجهود الشعبية والنخبوية والميدانية.
4. مقاومة شاملة
• لا تقتصر على السلاح.
• تشمل المقاومة الإعلامية، الثقافية، الاقتصادية، القانونية.
خامسًا: الدروس من يوليو وطوفان الأقصى
ثورة 23 يوليو ( ثورة قادها الجيش٬ طرحت مشروع الوحدة العربية٬ اصطدمت بالقوى الإمبريالية٬ خذلتها التناقضات الداخلية)
طوفان الأقصى ( ثورة قادها الشعب المقاوم٬ أعادت مركزية فلسطين٬ كسرت هيبة الكيان الصهيوني٬ تتحدى التواطؤ العربي والدولي)
سادسًا: التوصيات نحو المشروع الجامع
1. إحياء الوعي التاريخي في الأجيال:
تعليم حقيقي لتاريخ الأمة ومقاومتها.
2. إعادة بناء الهوية الجامعة:
مناهج وإعلام يُرسخ الانتماء لا الولاء للغرب.
3. دعم المقاومة بكل أشكالها:
ماليًا، إعلاميًا، سياسيًا، دبلوماسيًا.
4. فضح المطبعين والمستسلمين:
وفتح جبهات المقاطعة الشعبية.
5. صياغة ميثاق تحرري شعبي: يشمل علماء الأمة، ومفكريها، وشبابها وكل الطاقات التي يمكن اغتنامها.

الدكتور/ محمد صبحي أبو صقر
ممثل حركة حماس في موريتانيا وغرب إفريقيا