ظاهرة الفجوة بين الأجيال في موريتانيا / الدكتور ختار الشيباني
في عصر التواصل الاجتماعي، حيث تتسارع التطورات وتتشابك الثقافات، تظهر الفجوة بين الأجيال بشكل أوضح مما كانت عليه في الماضي، التطور التكنولوجي الهائل، والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية السريعة، عمقت هذه الفجوة، مما جعل التفاهم والتعايش بين الأجيال أكثر تعقيدًا، وأصبح يشكل تحديًا يتطلب منا التفكير في حلول جديدة للتواصل والتعاون والعمل المشترك.
على مر العصور، مرت المجتمعات بمراحل من التغيرات والتحولات التي ولدت اختلافات بين الأجيال. ومع ذلك، يظهر أن التعاون والتكامل بين الأجيال كان دائمًا هو المفتاح للنجاح والتقدم. ففي الماضي القريب أي بعد نيل البلاد استقلالها سنة 1960، كان هناك انسجام بين الحكمة التي يمتلكها الكبار والإبداع الذي يجلبه الشباب، مما أسهم في بناء الدولة.
من الطبيعي تباين الأجيال في المجتمع واختلاف نمط تفكيرها وثقافتها، ولا مشكلة في ذلك. ولكن المشكلة أننا لاحظنا في هذه الأيام بعض المقالات التي تحرض على الصدام بيننا وبين آبائنا الأعزاء، وبدأ كل جيل في كيل الاتهامات للجيل الآخر. فجيل الشباب يتهم الجيل الأكبر بعدم فتح المجال لهم في الولوج الى الوظائف التي يشغلونها بعد وصولهم لسن التقاعد، كما يتهمونهم بضيق الأفق وعدم مسايرة العصر وعدم القدرة على تفهم احتياجاتهم واحتوائهم، وجيل الكبار يتهم الشباب بعدم تحمُّل المسئولية والطيش والتهور وعدم الاعتراف بفضل مَن هم أكبر منهم سِنًّا وأكثر منهم خبرة.
ولكن من الواجب على الجميع إدراك حقيقة حتمية التعايش بين الأجيال المختلفة، وأن يحاول كل جيل فهم طبيعة الجيل الآخر ومعرفة طريظاهرة الفجوة بين الأجيال في موريتانيا / الدكتور ختار الشيباني
منذ 6 ساعات64
الدكتور ختار الشيباني / وزير سابق أستاذ محاضر بجامعة نواكشوط
المصدر : الكاتب
في عصر التواصل الاجتماعي، حيث تتسارع التطورات وتتشابك الثقافات، تظهر الفجوة بين الأجيال بشكل أوضح مما كانت عليه في الماضي، التطور التكنولوجي الهائل، والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية السريعة، عمقت هذه الفجوة، مما جعل التفاهم والتعايش بين الأجيال أكثر تعقيدًا، وأصبح يشكل تحديًا يتطلب منا التفكير في حلول جديدة للتواصل والتعاون والعمل المشترك.
على مر العصور، مرت المجتمعات بمراحل من التغيرات والتحولات التي ولدت اختلافات بين الأجيال. ومع ذلك، يظهر أن التعاون والتكامل بين الأجيال كان دائمًا هو المفتاح للنجاح والتقدم. ففي الماضي القريب أي بعد نيل البلاد استقلالها سنة 1960، كان هناك انسجام بين الحكمة التي يمتلكها الكبار والإبداع الذي يجلبه الشباب، مما أسهم في بناء الدولة.
من الطبيعي تباين الأجيال في المجتمع واختلاف نمط تفكيرها وثقافتها، ولا مشكلة في ذلك. ولكن المشكلة أننا لاحظنا في هذه الأيام بعض المقالات التي تحرض على الصدام بيننا وبين آبائنا الأعزاء، وبدأ كل جيل في كيل الاتهامات للجيل الآخر. فجيل الشباب يتهم الجيل الأكبر بعدم فتح المجال لهم في الولوج الى الوظائف التي يشغلونها بعد وصولهم لسن التقاعد، كما يتهمونهم بضيق الأفق وعدم مسايرة العصر وعدم القدرة على تفهم احتياجاتهم واحتوائهم، وجيل الكبار يتهم الشباب بعدم تحمُّل المسئولية والطيش والتهور وعدم الاعتراف بفضل مَن هم أكبر منهم سِنًّا وأكثر منهم خبرة.
ولكن من الواجب على الجميع إدراك حقيقة حتمية التعايش بين الأجيال المختلفة، وأن يحاول كل جيل فهم طبيعة الجيل الآخر ومعرفة طريقة التعامل معه، ويتقبل كل منهم الاختلاف في وجهات النظر بصدر رحب. وإذا وصل مجتمعنا إلى تلك القناعة فحتمًا سوف يؤدي ذلك إلى سيادة روح من الترابط وتبادل الخبرات وزيادة أواصر الترابط المجتمعي.
وبالنظر إلى حال الدولة الموريتانية، نجد إقصاءً كبيرًا لفئة الشباب في دوائر صنع القرار، حيث يعاني الشباب من الاستبعاد الاجتماعي والسياسي. فهم يستبعدون اجتماعيًّا بدعوى قلة خبرتهم واندفاعهم وتهورهم وعدم تحملهم للمسؤولية، ويستبعدون سياسيًّا، مما يترتب عنه حرمانهم من المشاركة في تنمية بلدهم، بالرغم من كثرة الحديث عن تمكين الشباب.
لذا فإن الدولة الموريتانية تفتقر إلى الاستفادة من قاعدتها الشبابية، وتحتاج إلى إعداد هذه القاعدة القادرة على القيادة والإبداع، والاستثمار فيها، وتوجيه طاقات أفرادها التوجيه الأمثل، بما يعود عليهم وعلى الدولة بالنفع.
الواقع يشهد أن هناك دولًا وكيانات، تكاملت فيها الأجيال، جيل يسلم جيلًا، يعطيه عصارة خبراته، ثم يقول: انطلق، هذا أوانك، هذا عصرك، أنت رجل هذه المرحلة، أنت الأقدر على مواكبة التطورات، ولا شك أن هناك خلافًا في الرؤى بين تلك الأجيال، لكن الاختلاف شيء والصراع شيء آخر، الاختلاف يمكن تذويبه أو تلافيه أو الوصول إلى نقطة التقاء وحل وسط، أما الصراع فهو شيء آخر يعبر عن نظرة إقصائية وقناعة بأن الآخر لا يصلح، عليه أن يلتزم الصمتقة التعامل معه، ويتقبل كل منهم الاختلاف في وجهات النظر بصدر رحب. وإذا وصل مجتمعنا إلى تلك القناعة فحتمًا سوف يؤدي ذلك إلى سيادة روح من الترابط وتبادل الخبرات وزيادة أواصر الترابط المجتمعي.
وبالنظر إلى حال الدولة الموريتانية، نجد إقصاءً كبيرًا لفئة الشباب في دوائر صنع القرار، حيث يعاني الشباب من الاستبعاد الاجتماعي والسياسي. فهم يستبعدون اجتماعيًّا بدعوى قلة خبرتهم واندفاعهم وتهورهم وعدم تحملهم للمسؤولية، ويستبعدون سياسيًّا، مما يترتب عنه حرمانهم من المشاركة في تنمية بلدهم، بالرغم من كثرة الحديث عن تمكين الشباب.
لذا فإن الدولة الموريتانية تفتقر إلى الاستفادة من قاعدتها الشبابية، وتحتاج إلى إعداد هذه القاعدة القادرة على القيادة والإبداع، والاستثمار فيها، وتوجيه طاقات أفرادها التوجيه الأمثل، بما يعود عليهم وعلى الدولة بالنفع.
الواقع يشهد أن هناك دولًا وكيانات، تكاملت فيها الأجيال، جيل يسلم جيلًا، يعطيه عصارة خبراته، ثم يقول: انطلق، هذا أوانك، هذا عصرك، أنت رجل هذه المرحلة، أنت الأقدر على مواكبة التطورات، ولا شك أن هناك خلافًا في الرؤى بين تلك الأجيال، لكن الاختلاف شيء والصراع شيء آخر، الاختلاف يمكن تذويبه أو تلافيه أو الوصول إلى نقطة التقاء وحل وسط، أما الصراع فهو شيء آخر يعبر عن نظرة إقصائية وقناعة بأن الآخر لا يصلح، عليه أن يلتزم الصمت.