من سيحمي الرئيس ؟محمد افو 2024/7/13

حين نتحدث عن الحماية فنحن نتحدث عن سلطة ما من شأنها حماية الرئيس وبرنامجه الانتخابي .
وقد يتساءل البعض عن أي سلطة نتحدث حين يتعلق الأمر برئيس الجمهورية المتربع على رأس السلطات الدستورية بل وحاميها .
فأي سلطة تلك التي تستطيع حماية الرئيس حين يبدأ في حربه لإصلاح الإدارة ومحاربة الفساد والمفسدين ؟

بداية نحن لازلنا نتحدث عن الفساد باعتباره مفهوما مجردا يمكن محاربته بالأدوات التوعوية أَو صياغة التشريعات والقوانين .
والحقيقة أن الفساد متجسد في ممارسات وأفعال الأشخاص داخل “مجتمع السلطة ” ، وبالتالي ستكون الحرب عليه عبارة عن مواجهة ذاتية بين النظام كشخصية اعتبارية من جهة والنظام كأفراد من ناحية أخرى .
بمعنى أن هذه الحرب ستحتاج لسند سياسي واجتماعي من خارج المنظومة التقليدية للسلطة ، باعتبارها مواجهة بين السلطة ومجتمع السلطة.
فالفاسدون في غالب الأمر هم من مجتمع السلطة التقليدي ، وهذا المجتمع هو من ظل يوفر الحماية السياسية والحشد الإنتخابي لأي نظام حاكم .
وأعتقد أن رفع شعار مكافحة الفساد كعنوان بارز وأساسي في برنامج الرئيس غزواني ، لم يكن مريحا لقاعدة عريضة من مجتمع السلطة ، وإذا ما أضيف للشعار الأبرز وهو “مأمورية الشباب” فإن مخاوف مجتمع السلطة تتعزز نسبيا لأن قلب الطاولة على جيل الإدارة الفاسد لن يشكل مؤشرا مريحا لذات المجتمع ( مجتمع السلطة) .
وبكل تأكيد سيحاول مجتمع السلطة بخبراته التراكمية وحصانته وحصافته في مواجهة الإصلاح ، أن يلتف على هذا البرنامج الذي يطمح إليه رئيس الجمهورية لدرجة جعلته يتعهد به أمام الشعب الموريتاني بكل تلك الثقة والقوة .
وبشكل مختصر وواضح فإن الرئيس سيدخل في معركة مباشرة مع مجتمع ظل يعتاش على السلطة ومحيطها ، فمن أبنائه الوزير والمدير والأمين العام ومن أصهاره المحاسب والمدير المالي والإداري ، ومن أصدقائه مفتش الدولة والقاضي والمحامي وحولهم جميعا تلك الطبقة الكلسية القاسية التي تشكل درعا متينا لمجتمع السلطة من كتاب ومثقفين وإعلاميين ومدونين .. الخ .

هي إذا حرب ضارية بين السلطة ومحيطها التقليدي ، وهذا ما يدفعنا للتساؤل عن من سيحمي الرئيس في هذه المواجهة .
الإجابة تبدو بسيطة من حيث الشكل لكنها من حيث المضمون تحتاج لضمير اجتماعي واع ومنضبط .
هناك من هو على استعداد لمساندة الرئيس من نخب مجتمع السلطة نفسه على اختلاف دوافعهم في ذلك ، لكن الحماية الحقيقية والموازية من حيث القوة والندية ، هي الحماية التي يتولاها المجتمع باعتباره هو المستفيد الأول من هذه الحرب من ناحية وباعتباره هو من خول السلطة للرئيس بناء على شعاراته وتعهداته .

إذا هناك ثلاث فئات قوية يمكنها أن تحمي الرئيس وتسانده في حربه هذه وهي :
– النخب السياسية الوطنية والمؤمنة بالرئيس وبحاجة الشعب الموريتاني لتنفيذ برنامجه .
– منظمات المجتمع المدني بكل اختصاصاتها وتوجهاتها .
– عامة الشعب المتعطش للإصلاح باعتباره الخاسر الأكبر والأوسع في حال فشل الرئيس -لاسمح الله – في تلك المواجهة .

ما نحتاجه حقا هو وضع خطة عمل واعية لتلك المساندة تكفل تعاون كل تلك الأطراف وتضبط طاقتها وقوتها وتسلحها بما تحتاجه من وعي وانضباط .
وحين يتم التخطيط لذلك فسيكون غزواني قد حارب الفساد وجند المجتمع لمكافحته وعزز الضمير العام بقيم جديدة ستعينه على مواصلة مشواره في المستقبل .