قبل أيام، وتحديدا في 15 سبتمبر، احتفل العالم باليوم العالمي للديمقراطية.لكن، أي ديمقراطية بالضبط يحتفل بها العالم؟قد يبدو السؤال غريبا، لكنه ليس كذلك ابدا.في العالم كله، حين يأتي الحديث عن الديمقراطية يختلط الحابل بالنابل، والحق بالباطل، والنوايا الطيبة بأشد النوايا شرا وعدوانية.وفي دولنا العربية بالذات، هناك حالة من الفوضى في أوساط المثقفين وعامة الناس عند الحديث عن الديمقراطية. ماذا تعني الديمقراطية نظريا وفي التطبيق العملي؟ أي موقف يجب ان نتخذه من تجار بدولنا في المجال الديمقراطي؟ وهكذا. هذه الفوضى قد تكون احيانا بسبب عدم الوضوح ومحدودية الوعي، وقد تكون مقصودة لأسباب وغايات غير وطنية.عموما، حين يأتي الحديث عنم الديمقراطية واحتفال العالم بيومها هناك جوانب اساسية المفروض ان تكون واضحة.اول هذه الجوانب ان العالم حين يحتفل بيوم الديمقراطية لا يحتفل بنموذج معين او صيغة محددة للديمقراطية. العالم لا يحتفل مثلا بالديمقراطية الليبرالية الغربية التي يظنون في الغرب انها النموذج المثالي، ولا يحتفل بأي صيغة أخرى غير غربية للديمقراطية.العالم يحتفل بقيم ومباديء عامة للديمقراطية. هي قيم ومباديء معروفة ومحل اتفاق، في مقدمتها، الحريات العامة، واستقلال المؤسسات، وحكم القانون، واحترام حقوق الانسان. وهكذا.هذه القيم والمباديء العامة لكل دولة ومجتمع ان يسعى الى تحقيقها بحسب ظروفه وأوضاعه الخاصة ومرحلة التطور التي يمر بها.يعني هذا بداهة ان من حق كل دولة ان تكون لها تجربتها الخاصة ونموذجها الخاص للديمقراطية في اطار المباديء والقيم العامة بحسب تاريخها واوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.ويعني هذا بداهة أيضا انه ليس من حق أي دولة ان تسعى الى فرض نموذجها الخاص للديمقراطية على احد في العالم، على ما تفعل أمريكا والدول الغربية.الأمر الآخر الذي له اهمية حاسمة عند الحديث عن الديمقراطية انهم في الغرب بالذات يتعمدون تغييب جوانب أساسية يجب ان تكون في صلب أي حديث عن حقوق الانسان التي هي جوهر وقلب أي حديث عن الديمقراطية.يتعمدون تغييب حقيقة ان حق الحياة، وحق المعيشة الإنسانية الكريمة هي في صلب حقوق الانسان، بل على رأسها.ويتعمدون تغييب حقيقة ان حق العيش في بلد آمن مستقر من أكبر حقوق الانسان.من دون هذه الحقوق لا معنى لحقوق الانسان والديمقراطية أصلا.ويتعمدون في الغرب تغييب الحقيقة الكبرى وهي ان الديمقراطية أساسا ليست غاية في حد ذاتها وانما هي وسيلة وأداة للوصل الى مثل هذه الحقوق الاجتماعية والانسانية والسياسية.أمريكا والدول الغربية يتجاهلون عن عمد هذه الجوانب في خطابهم السياسي والإعلامي لسبب معروف هو ان الديمقراطية بالنسبة لهم حين يتعلق الأمر بمخططات نشرها المزعومة في دول العالم ليست أداة لتحقيق قيم ومباديء نبيلة لكنها أداة لتنفيذ اجندات تدميرية للدول والشعوب.لسنا بحاجة الى إعادة التذكير بما حل في دول مثل العراق وافغانستان من دمار وخراب باسم الديمقراطية. ولسنا بحاجة الى إعادة التذكير بتدخلات أمريكا السافرة في الشئون الداخلية لدولنا باسم الديمقراطية ومخططات الفوضى التي حاولوا تنفيذها.نريد ان نقول اننا في الدول العربية حين نتحدث ونتجادل حول الديمقراطية يجب ان يكون واضحا ان تجربتنا الديمقراطية يجب ان تكون ملائمة لأوضاعنا ولها خصوصية، من دون ان نخضع لإرهاب أمريكا والغرب والسعي لفرض نموذجهم وصيغتهم للديمقراطية علينا. |